للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ردّوا تلك الأنواع كلها متشابهة، فسلَّطوا المتشابه على المحكم وردوه به، ثم ردوا المحكم متشابهًا؛ فتارة يحتجون به على الباطل وتارة يدفعون به الحق، ومن له أدنى بصيرة يعلم أنه لا شيء في النصوص أظهر ولا أبين مرادًا (١) من مضمون هذه النصوص فإذا كانت متشابهة فالشريعة كلها متشابهة، وليس فيها شيء محكم ألبتَّة، ولازم هذا القول لزومًا لا محيدَ عنه أن ترك الناس بدونها خير له من إنزالها إليهم، فإنها أَوْهمتهم وأفهمتهم غيرَ المراد، وأوقعتهم في اعتقاد الباطل ولم يتبين (٢) لهم ما هو الحق في نفسه، بل أُحيلوا فيه على ما يستخرجونه بعقولِهِم وأفكارهم ومقاييسهم؛ فنسأل [للَّه] (٣) مثبِّت القلوب تبارك وتعالى أن يثبت قلوبنا على دينه وما بعث به رسوله من الهدى ودين الحق، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا؛ إنه قريبٌ مجيب.


= قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومدار طرقه كلها على الفضل بن عيسى الرقاشي، قال يحيى: كان رجل سوء، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (١/ ٦٨): هذا إسناد ضعيف لضعف الفضل بن عيسى.
ونحوه قال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٩٨) بعد أن عزاه للبزار!! مع أنه في "سنن ابن ماجه" بلفظه. وضعفه الذهبي في "العلو" (رقم ٩٩)، ونسبه ابن كثير للضياء المقدسي.
قلت: الحديث له علتان:
الأولى: عبد اللَّه بن عبيد اللَّه أبو عاصم، قال فيه العقيلي: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به.
وقال الذهبي في "الميزان": واهٍ، واعظ زاهد إلا أنه قدري.
الثانية: الفضل الرقاشي، قال فيه ابن عيينة: ليس أهلًا أن يروى عنه وقال سلام بن أبي مطيع: لو أن فضلًا ولد أخرس كان خيرًا له. وكان شعبة يشبهه بأبان بن أبي عياش، وقال ابن عدي: والضعف بَيّن على حديثه.
أقول: فمثله ضعيفٌ جدًا على أقل حال، ولم أظفر بالحديث في "مسند أحمد" ولا في "أطرافه" ولا في "إتحاف المهرة" ولا عزاه له الهيثمي في "المجمع" وأخشى أن يكون عزو المصنف له وهمًا!!
وقد استدرك السيوطي على ابن الجوزي، فساق له في "اللآلئ المصنوعة" (٢/ ٤٦١) شاهدًا من حديث أبي هريرة عزاه لابن النجار في "تاريخه".
أقول: وفيه سليمان بن أبي كريمة قال فيه ابن عدي (٣/ ١١١٢): وعامة أحاديثه مناكير، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا.
وانظر -غير مأمور-: "التعقبات على الموضوعات" (برقم ٢٨١ - بتحقيقي).
(١) في المطبوع: "دلالة".
(٢) في (ق) و (ك): "ولم يبين".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>