للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه وتعالى على رسوله في بيانها كقوله [تعالى] (١): {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] فالحِلُّ موقوفٌ على شروط النكاح وانتفاء موانعه (٢) وحضور وقته وأهليَّةِ المحل، فإذا جاءت السنة ببيان ذلك كُلِّه لم يكن شيء (٣) منه زائدًا على النص فيكون نسخًا له، وإن كان رفعًا لظاهر إطلاقه.

فهكذا كل حكم منه -صلى اللَّه عليه وسلم- زائد على القرآن، هذا سبيلُه سواءٌ بسواء، وقد قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] ثم جاءت السنة بأنَّ القاتلَ والكافرَ والرقيقَ لا يرث (٤)، ولم يكن نسخًا للقرآن مع أنه زائد عليه قطعًا، أعني في مُوجبات الميراث؛ فإن القرآن أوجبه بالولادةِ وحْدَها، فزادت السنة مع وصف الولادة اتحاد الدَّين وعدم الرق والقتل، فهلَّا قلتم: إن هذه زيادة على النص فيكون نسخًا والقرآن لا يُنسخ بالسنة؟ كما قلتم ذلك في كل موضع تركتم فيه الحديث لأنه زائد على القرآن.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) في (ن)، و (ق) و (ك): "مانعه".
(٣) في المطبوع: "الشيء".
(٤) أما القاتل فتقدم حديثه.
وأما الكافر: فيريد حديث: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم"، وهو في "الصحيحين" وقد سبق تخريجه قريبًا.
وأما ميراث الرقيق؛ فلم أجد حديثًا صريحًا مرفوعًا في عدم ميراث الرقيق، وقد استدل الشافعي على عدم ميراث الرقيق بحديث: "من باع عبدًا له مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع".
أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب المساقاة): باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو نخل (٥/ ٤٩/ رقم ٢٣٧٩)، و (كتاب الشروط): باب إذا باع نخلًا قد أُبِّرت (٥/ ٣١٣ / رقم ٢٧١٦)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب الببوع، باب من باع نخلًا عليها ثمر، ٣/ ١١٧٢/ ١٥٤٣) عن ابن عمر مرفوعًا.
قال الشافعي: "فلما كان بيِّنًا في سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن العبد لا يملك مالًا وأن ما يملك العبد فإنما يملكه سيده، ولم يكن السيد بأبي الميت ولا وارث سميت له فريضة فكنا لو أعطينا العبد بأنه أب إنما أعطينا السيد الذي لا فريضة له، فورثنا غير من ورث اللَّه فلم نورث عبدًا لما وصفت".
نقلت هذا من "سنن البيهقي" (٩/ ٢١٦)، ونحوه في "الأم" (٣/ ٧٢).
وقد ثبت عن علي أن المملوك لا يرث: رواه ابن أبي شيبة (١١/ ٢٧٠)، وعبد الرزاق (١٠/ ٢٧٩٠)، وسعيد بن منصور (١/ ٤٥)، و"السنن الكبرى" (٦/ ٢٢٣)، وقد ورد أيضًا عن عدد من الصحابة، انظر المصادر السابقة و"الإشراف" (٤/ ٦٨٥) للقاضي عبد الوهاب، وتعليقي عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>