للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع الواجب، وهذا هو القسم الثالث بعينه غيَّرتم التعبير عنه وكسوتموه عبارة أخرى.

الوجه الحادي والعشرون: أن الناسخ والمنسوخ لا بد أن يتواردا على مَحلٍّ واحد يقتضي المنسوخ ثبوته والناسخ رفعه، أو بالعكس، وهذا غير متحقق في الزيادة على النص.

الوجه الثاني والعشرون: أن كُلَّ واحد من الزائد والمزيد عليه دليلٌ قائمٌ بنفسه مستقل بإفادة حكمه، وقد أمكن العملُ بالدليلين؛ فلا يجوز إلغاء أحدهما وإبطاله وإلقاء الحرب بينه وبين شقيقه وصاحبه؛ فإنَّ كل ما جاء (من عند) (١) اللَّه فهو حق يجب اتباعه والعمل به، ولا يجوز إلغاؤه وإبطاله إلا حيث أبطله اللَّه ورسولُه بنصٍ آخر ناسخ له لا يمكن الجمعُ بينه وبين المنسوخ، وهذا بحمدِ اللَّه منتفٍ في مسألتنا؛ فإن العمل بالدليلين ممكن، ولا تعارض بينهما ولا تناقض بوجه؛ فلا يسوغ لنا إلغاءُ ما اعتبره اللَّه ورسوله، كما لا يسوغ لنا اعتبار ما ألغاه، وباللَّه التوفيق.

الوجه الثالث والعشرون: أنه إن كان القضاءُ بالشاهد واليمين ناسخًا للقرآن وإثباتُ التغريب ناسخ للقرآن فالوضوء بالنبيذ أيضًا ناسخٌ للقرآن، ولا فرق بينهما ألبتَّة، بل القضاءُ بالنُّكول (٢) ومعاقد القُمُط يكون ناسخًا للقرآن، وحينئذ فنسخ كتاب اللَّه بالسنة الصحيحة الصريحة التي لا مَطْعن فيها أولى من نسخه بالرأي والقياس والحديث الذي لا يثبت (٣)، وإن لم يكن نسخًا (٤) للقرآن لم يكن هذا نسخًا له، وأما أن يكون هذا نسخًا وذاك ليس بنسخ فتحكُّم باطل وتفريقٌ بين المتماثلين (٥).

الوجه الرابع والعشرون: أن ما خالفتموه من الأحاديث التي زعمتم أنها زيادة على نص القرآن إن كانت تستلزم نسخه فقطعُ رِجْل السارق في المرة الثانية (٦) نسخ لأنه زيادة على القرآن، وإن لم يكن هذا نسخًا فليس ذلك نسخًا.


(١) في (ك): "عن".
(٢) في (ق): "والقضاء بالنكول".
(٣) جميع الأحاديث المشار إليها سبق تخريجها، وقال (و): "لا ينسخ شيء من كتاب اللَّه بهذا، ولا بذاك، فهو المهيمن على كل كتاب وكل كلام".
(٤) في المطبوع: "ناسخًا".
(٥) في (د): "متماثلين".
(٦) مضى تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>