للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظيره قولهم: للجار أن يمنع جاره أن يَغْرزَ خشبةَ هو محتاجٌ إلى غرزها في حائطه، وقد نهاه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مَنْعه (١)، وتسليطهم إياه على انتزاع داره كلها منه بالشُّفعة بعد وقوع الحدود وتصريف الطُّرق، وقد أبطلها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

ونظيره قولهم: لا يحكم بالقَسَامة لأنها خلاف الأصول، ثم قالوا: يحلف الذين وُجد (٣) القتيل في محلتهم ودارهم خمسين يمينًا ثم يُقْضَى عليهم بالديّة، فياللَّه العجب! كيف كان هذا وفق الأصول وحكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خلاف الأصول؟!!

ونظيره قولهم: لو تزوّج امرأة فقالت له امرأة أخرى: أنا أرضعتُك وزوْجَتَكَ، أو قال له رجل: هذه أختك من الرضاعة، جاز له تكذيبها ووطء الزوجة، مع أن هذه هي الواقعة التي أَمَر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عقبة بن الحارث بفراق امرأته لأجل قول الأمَةِ السوداء أنها أرضعتهما (٤).

ولو اشترى طعامًا أو ماءً فقال له رجل: هذا ذبيحة مجوسي أو نجس لم يسعه أن يتناوله، مع أن الأصل في الطعام والماء الحل، والأصل في الأبضاع التحريم، ثم قالوا: لو (٥) قال المُخبر: "هذا الطعام والشراب لفلان سَرَقه أو غصبه منه فلان"، وَسِعَهُ أن يتناوله.

ونظيره قولهم (٦): لو أسلم وتحته أختان وخيَّرناه فطلَّق إحداهما كانت هي المختارة، والتي أمسكها هي المفارقة، قالوا: لأن الطلاق لا يكون إلّا في زوجة، وأصحاب أبي حنيفة (٧) تخلَّصوا من هذا بأنَّه إنْ عَقَد على الأختين في عقد واحد فسد نكاحهما واستأنف نكاحَ مَنْ شاء منهما، وإن تزوج واحدة بعد واحدة فنكاح الأُولى هو الصحيح، ونكاح الثانية فاسد.

ولكن لزمهم نظيره في مسألة العبد: إذا تزوَّج بدون إذن سيده كان موقوفًا


(١) رواه البخاري (٢٤٦٣) في (المظالم): باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره، و (٥٦٢٧) في (الأشربة): باب الشرب من فم السقاء، ومسلم (١٦٠٩) في (المساقاة) باب غرز الخشبة في الجدار، من حيث أبي هريرة.
(٢) سبق تخريجه، وفي (ق) و (ك): "رسول اللَّه".
(٣) في المطبوع: "وجدوا".
(٤) سبق تخريجه، وفي (ن) و (ك): "أنا أرضعتكما" بدل: "إنها أرضعتهما".
(٥) في (ق) و (ك): "فلو".
(٦) في المطبوع: "ونظر هذا قولهم".
(٧) انظر المسألة في "مختصر اختلاف العلماء" (٢/ ٣٦٩ رقم ٨٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>