للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: هذا حكم اللَّه! فقلت له: صار قول زفر هو حكم اللَّه الذي حكم به، وألزم به الأمة؟! قل: هذا حكم زفر، ولا تقل: هذا حكم اللَّه، أو نحو هذا من الكلام" (١).

١٠ - ونقل تعليقًا لابن تيمية على صنيع مفتٍ كان في زمانهم يكتب في فتاويه: "يجوز كذا أو يصح كذا، أو ينعقد، بشرطه" قال المصنف: "وسمعت شيخنا يقول: كل أحد يحسن أن يفتي بهذا الشرط، فإن أي مسألة وردت عليه، يكتب فيها: يجوز بشرطه، أو يصح بشرطه، أو يقبل بشرطه، ونحو ذلك، وهذا ليس بعلم، ولا يفيد فائدة أصلًا سوى حيرة السائل وتنكده" (٢).

١١ - ونقل المصنف عن شيخه ردًا على فهم مغلوط لبعض فقهاء عصره في فتاوى العلماء، فتعرض -مثلًا- لمسألة (الوقف على أهل الذمة) وأن بعض الفقهاء صححوه، قال: "فأنكر ذلك شيخنا عليه غاية الإنكار، وقال: مقصود الفقهاء. . . " إلى قوله: "فغلظ طبع هذا المفتي، وكثف فهمه، وغلظ حجابه عن ذلك، ولم يميز" (٣).

١٢ - ونقل فتوى عزيزة في لباس أهل الذمة وأنه "حصل لهم بذلك -أي: بإلزامهم بلباس غير لباسهم المعتاد، وزي غير زيهم المألوف- ضرر عظيم في الطرقات والفلوات، وتجرأ عليهم بسببه السفهاء والرعاع، وآذوهم غاية الأذى" وهل يجوز للإمام ردهم إلى زيهم الأول؟ قال: "فأجابهم مَنْ مُنع التوفيق، وصُدَّ عن الطريق بجواز ذلك" قال: "قال شيخنا: فجاءتني الفتوى، فقلت: لا تجوز إعادتهم إلى ما كانوا عليه، ويجب إبقاؤهم على الزي الذي يتميّزون به عن المسلمين، فذهبوا، ثم غيَّروا الفتوى، ثم جاءوا بها في قالب آخر، فقلت: لا تجوز إعادتهم، فذهبوا ثم أتوا بها في قالب آخر، فقلت: هي المسألة المعينة، وإنْ خرجت في عدة قوالب، ثم ذهب إلى السلطان، وتكلم عنده بكلام عجب منه الحاضرون، فأطبق القوم على إبقائهم، وللَّه الحمد. ونظائر هذه الحادثة أكثر من أن تحصى. . . " (٤).

١٣ - وذكر في مسألة (دلالة العالم للمستفتي على غيره) قال: "وكان شيخنا -قدس اللَّه روحه- شديدَ التّجنُّبِ لذلك، ودللتُ مرة بحضرته على مُفْتٍ أو


(١) "إعلام الموقعين" (٥/ ٧٣).
(٢) "إعلام الموقعين" (٥/ ٧٦).
(٣) "إعلام الموقعين" (٥/ ٨٥ - ٨٦).
(٤) "إعلام الموقعين" (٥/ ٩٧ - ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>