للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب، فانتهرني. وقال: ما لك وله؟ دعه عنك، ففهمتُ من كلامه: إنك لتبوء بما عساه يحصل له من الإثم، ولمن أفتاه، ثم رأيت هذه المسألة بعينها منصوصة عن الإمام أحمد. . . " (١).

١٤ - وذكر فائدة فقهية دقيقة عن شيخه في الفرق بين مسألتين، هما: إذا شهد الرجل جنازة، فرأى فيها منكرًا، لا يقدر على إزالته أنه لا يرجع، بينما في وليمة العرس يرجع، قال المصنف: "فسألتُ شيخنا عن الفرق؟ فقال: لأن الحقّ في الجنازة للميّت، فلا يُترك حفه لما فعله الحيُّ من المنكر، والحقُّ في الوليمة لصاحب البيت، فإذا أُتي فيها بالمنكر، فقد أسقط حقّه من الإجابة" (٢).

١٥ - قال: "وسمعت شيخنا يقول: سمعت بعض الأمراء يقول عن بعض المفتين من أهل زمانه، يكون عندهم في المسألة ثلاثة أقوال، أحدها: الجواز، والثاني: المنع، والثالث: التفصيل، فالجواز لهم، والمنع لغيرهم، وعليه العمل! " (٣).

١٦ - وقال عند حديثه عمن أفتى الناس، وهو ليس بأهل للفتوى: "وكان شيخنا -رضي اللَّه عنه- شديد الإنكار على هؤلاء، فسمعته يقول: قال لي بعض هؤلاء: أَجُعِلتَ محتسبًا على الفتوى؟ فقلت له: يكون على الخبازين والطباخين محتسب، ولا يكون على الفتوى محتسب؟! " (٤).

١٧ - وقال في مسألة (ما يصنع المفتي إذا أفتى في واقعة ثم وقعت له مرة أخرى؟): "وسمعتُ شيخنا رحمه اللَّه تعالى يقول: حضرتُ عَقْدَ مجلس عند نائب السلطان في وقف، أفتى فيه قاضي البلد بجوابين مختلفين، فقرأ جوابه الموافق للحق، فأخرج بعضُ الحاضرين جوابه الأول، وقال: هذا جوابك بضدّ هذا، فكيف تكتب جوابين متناقضين في واقعة واحدة؟ فوجم الحاكم، فقلت: هذا من علمه ودينه، أفتى أولًا بشيء، ثم تبيّن له الصواب، فرجع إليه، كما يفتي إمامه بقول، ثم يتبيّن له خلافه، فيرجع إليه، ولا يقدح ذلك في علمه ولا دينه، وكذلك سائر الأئمة، فسُرَّ القاضي بذلك، وسُرِّي عنه" (٥).


(١) "إعلام الموقعين" (٥/ ١١٧).
(٢) "إعلام الموقعين" (٥/ ١٣٠).
(٣) إعلام الموقعين" (٥/ ١٢٤).
(٤) "إعلام الموقعين" (٥/ ١٣١).
(٥) "إعلام الموقعين" (٥/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>