للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثله سواء، وزاد: "أوتروا بخمس أو سبع أو تسع أو بإحدى عشرة ركعة أو أكثر من ذلك" (١)، فردَّت هذه السنن بحديثين باطلين وقياس فاسد:

أحدهما: "نَهى عن البتيراء" (٢)، وهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ولا ضعيف، وليس في شيء من كتب الحديث المعتمد عليها، ولو صح فالبتيراء (٣) صفة للصلاة [التي] (٤) قد بُتر ركوعها وسجودها فلم يطمئن فيها.

الثاني: حديث يُروى عن ابن مسعود مرفوعًا: "وتر الليل ثلاث، كوتر النهار


(١) رواه الحاكم (١/ ٣٠٤)، والبيهقي (٣/ ٣١ و ٣٢)، وفي "الخلافيات" (١/ ق ١٧٤/ أ).
وقول المؤلف: "إسناده صحيح" فيه نظر، فإن طاهرًا هذا لم أجده وأظنه في عداد المجاهيل!
وذكره ابن يونس في "تاريخه"، كما في "توضيح المشتبه" (٣/ ٦٨) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، واقتصر على هذا الشيخ مقبل بن هادي في كتابه "رجال الحاكم في المستدرك" (١/ ٤٢٨ - ٤٢٩)، ورواه البيهقي (٣/ ٣١ - ٣٢) من طريق يحيى بن بكير عن الليث به، وجعله عن أبي هريرة قوله، وهذا أشبه، ويؤكده ما رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٩٢) من طريق بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عراك عن أبي هريرة ولم يرفعه. دون قوله: "أو أكثر من ذلك"، وهذا أصح من الذي قبله.
(٢) أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (١٣/ ٤٥٢) عن عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "نهى عن البتيراء -أن يصلي الرجل ركعة واحدة يوتر بها-".
قال ابن عبد البر: "عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم"، وبه أعلّه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" (٢/ ٥٧)، وزاد ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (٣/ ١٥٤) قوله: "والحديث من شاذ الحديث الذي لا يعرج على رواته ما لم تعرف عدالتهم، وعثمان واحد من جماعة فيه".
قلت: نعم، عثمان آفته، واضطرب فيه، فأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" -كما في "اللسان" (٤/ ٢٥١ - ٢٥٣) - عنه قال: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر رفعه، وتعقب ابن حجر ابن القطان، فانظر كلامه، وقال الذهبي في "تنقيح التحقيق" (٣/ ١٧٢): "وذكروا في كتبهم. . . وذكره، فأين إسناده؟ ثم المروي عن ابن عمر أنه فسَّر البتيراء أن يصلي الرجل بركوع ناقص، وسجود ناقص". وانظر: "الاستذكار" (٥/ ٣٨٥)، و"نصب الراية" (٢/ ١٢٠)، و"الدراية" (١/ ١٩٢)، وما تقدم يخالف قول المصنف الآتي عن هذا الحديث: "لا يعرف له إسناد لا صحيح، ولا ضعيف".
ووقع في المطبوع: "البتراء".
(٣) في المطبوع: "فالبتراء".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>