للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، أو متفضل فحوالته على اللَّه دون مَنْ تفضَّل عليه؛ فلا يستحق مطالبته، وزادت الشافعية وقالت: لما ضمن له المؤجر تحصيل منافع الجِمَال، ومعلوم أنه لا يمكنه استيفاء تلك المنافع إلا بالعَلَف، دخل [في] (١) ضمانه لتلك المنافع إذنُه له في تحصيلها بالإنفاق عليها ضمنًا وتبعًا؛ فصار ذلك مستحقًا عليه بحكم ضمانه عن نفسه لا بحكم ضمان الغير [عنه] (٢)، يوضحه أن المؤجر والمُسَاقي قد علما أنه لا بدَّ للحي من قوام، ولا بد للنخيل من سَقْي وعمل عليها؛ فكأنه قد حصل الإذن فيها في الإنفاق عرفًا، والإذن العرفي يجري مجرى الإذن اللفظي، وشاهده ما ذكرتم من المسائل؛ فيقال: هذا من أقوى الحجج عليكم في مسألة علف المُرْتَهن للرَّهن، واستحقاقه للرجوع بما غرمه، وهذا نصف المسافة، وبقي نصفها الثاني، وهو المعاوضة عليها بركوبه وشربه، وهي أسهل المسافتين وأقربهما؛ إذ غايتها تسليطُ الشارع له على هذه المعاوضة التي هي من مصلحة الراهن والمرتهن والحيوان، وهي أولى من تسليطه الشفيع (٣) على المعاوضة عن الشقص المشفوع لتكميل ملكه وإنفراده به وهي أولى من المعاوضة في مسألة الظفر بغير اختيار مَنْ عليه الحق (٤)؛ فإن سبب الحق فيها ليسس ثابتًا، والآخذ ظالم في الظاهر، ولهذا منعه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأخذ وسماه خائنًا بقوله: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تَخُنْ مَنْ خانك" (٥) وأما هاهنا فسبب الحق ظاهر، وقد أذن في المعاوضة للمصلحة


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(٢) سقطت في (ك).
(٣) في المطبوع: "تسليط الشفيع".
(٤) انظر: "زاد المعاد" (٤/ ١٤٩)، و"إغاثة اللهفان" (٢/ ٧٥).
(٥) ورد من حديث أبي هريرة وأنس وأبي أمامة وأبي بن كعب ورجل من قريش عن أبيه.
أما حديث أبي هريرة، فقد رواه الدارمي (٢/ ٢٦٤)، وأبو داود (٣٥٣٥) في (البيوع): باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، والترمذي (١٢٦٤) في (البيوع): باب (٣٨)، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٩٧٣)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (١٨٣١، ١٨٣٢)، والدارقطني (٣/ ٣٥)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (٤/ ٣٦٥)، والحاكم (٢/ ٤٦)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص ٣٠) وتمام في "الفوائد" (رقم ٧٠٧ - ترتيبه)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (١/ ٢٦٩)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٧٤٢)، والبيهقي (١٠/ ٢٧١) وفي "معرفة السنن والآثار" (١٤/ ٣٨٠ رقم ٢٠٣٧٦) من طريق طلق بن غنام عن شريك وقيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عنه مرفوعًا به.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وقال الحاكم: "حديث شريك عن أبي حصين صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. =

<<  <  ج: ص:  >  >>