للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَاس بن عمرو والحارث العُكْلي، وأما أتباع تابعي التابعين فأفتى به داود بن علي وأكثر أصحابه، حكاه عنهم ابن المغلِّس (١) وابن حزم وغيرهما، وأفتى به بعض أصحاب مالك، حكاه التلمساني في "شرح تفريع ابن الجلاب" (٢) قولًا لبعض المالكية، وأفتى به بعضُ الحنفية، حكاه أبو بكر الرازي عن محمد بن مقاتل، وأفتى به بعض أصحاب أحمد، حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية عنه، قال: وكان الجد يفتي به أحيانًا (٣)، وأما الإمام أحمد نفسه فقد قال الأثرم: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث ابن عباس: "كان الطلاق الثلاث على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر واحدة" (٤) بأيِّ شيء تدفعه؟ قال: برواية الناس عن ابن عباس من وجوه خلافُه، ثم ذكر عن عدة عن ابن عباس أنها ثلاث (٥)؛ فقد صرح بأنه إنما


(١) في المطبوع: "أبو المفلس"! وهو عبد اللَّه بن أحمد بن المغلِّس البغدادي الظاهري (ت ٣٢٤ هـ)، ترجمته في "السير" (١٥/ ٧٧).
(٢) شرح "التفريع" لأبي القاسم عُبيد اللَّه بن الحسين بن الحسن بن الجلاب البصري (المتوفي ٣٧٨ هـ) -وهو مطبوع عن دار الغرب الإسلامي في مجلدين- وهناك اثنان ممن ينسبون (التلمساني)، وشارحا هذا الكتاب هما:
الأول: محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الخزرجي التلمساني المالكي، نزيل الإسكندرية (المتوفى ٦٥٦ هـ) -وهو شارح الجلاب المشهور-كما في "نيل الابتهاج" (ص ٢٢٩).
والآخر: إبراهيم بن أبي بكر بن عبد اللَّه بن موسى الأنصاري التلمساني، أبو إسحاق (المتوفى ٦٩٧ هـ)، شرح ابن الجلاب شرحًا جليًا واسعًا، كما في "الديباج المذهب" (١/ ٢٧٤).
(٣) نقله عن المصنف من قوله السابق: "وكل صحابي من لدن خلافة. . . " إلى هنا: يوسف بن عبد الهادي في "سير الحاث" (ص ٣٩ - ٤٠) وزاد: "قلت: وقد كان يفتي به فيما يظهر لي ابن القيم. وكان يفتي به شيخ الإسلام ابن تيمية -رضي اللَّه عنه- بلا خلاف، وكان يفتي به جدنا جمال الدين الإمام، ولم يرد عنه أنه أفتى بغيره. قلت: وقد كان يفتي به في زماننا الشيخ على الدواليبي البغدادي، وجرى له من أجله محنة ونكاية فلم يدعه، وقد سمعت بعض شيوخنا يقوّيه، وظاهر إجماع ابن حزم أنه إجماع، لكنه لم يصرح به" قال أبو عبيدة: وكان يفتي به ابن كثير، وأوذي وامتحن بسبب هذه المسألة، كما في "طبقات الشافعية" (٣/ ١١٥) لابن قاضي شهبة وألف ابن رجب "الأحاديث والآثار المتزائدة في أن الطلاق الثلاث واحدة"، ثم تراجع عنها. والمعمول به في قوانين الأحوال الشخصية اليوم في جل بلدان المسلمين هذا القول، والحمد للَّه.
(٤) مضى تخريجه قريبًا.
(٥) مضى تخريجه ونقله يوسف بن عبد الهادي في "سير الحاث" (ص ٣٧) عن المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>