للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قسمين رئيسيين (١):

القسم الأول: ما كان من طريق النقل والحكاية، وهو على ثلاثة أضرب:

أولًا: نقل الشرع مبتدأ من جهة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أربعة أنواع:

١ - نقل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: وهو الأحاديث المدنية التي هي أم الأحاديث النبوية وأشرف أحاديث أهل الأمصار، ومن تأمل أبواب البخاري وجده أول ما يبدأ في الباب بها ما وجدها، ثم يتبعها بأحاديث الأمصار.

٢ - نقل فعله -صلى اللَّه عليه وسلم-: كنقلهم أنه توضأ من بئر بضاعة، وخروجه كل عيد إلى المصلى ليصلي هو والناس، وكيف كان يخطبهم.

٣ - نقل تقريره لهم على أمر شاهدهم عليه أو أخبرهم به: كنقلهم إقراره لهم على صنائعهم المختلفة من تجارة وخياطة وصياغة وفلاحة، وإنما حرم عليهم فيها الغش والتوسل بها إلى المحرمات، وكإقرارهم على إنشاد الأشعار المباحة، وذكر أيام الجاهلية والمسابقة على الأقدام، وكإقراره لهم على الأنكحة التي عقدوها في حال الشرك ولم يتعرض لكيفية وقوعها، وإنما أنكر منها ما لا مساغ له في الإسلام حين الدخول فيه، إلى غير ذلك مما أقرهم عليه.

٤ - نقلهم لترك شيء قام سبب وجوده ولم يفعله:

- فإما أن يصرحوا بأنه ترك كذا وكذا ولم يفعله، كقولهم في شهداء أحد: ولم يغسلهم ولم يصل عليهم.

- وإما ألا ينقلوا ما لو فعله لتوفرت هممهم ودواعيهم أو أكثرهم أو أحد منهم على نقله، فما دام لم ينقله واحد منهم قط ولا حدث به في مجمع أبدًا، علم أنه لم يكن، وهذا كتركه التلفظ بالنية عند دخوله في الصلاة، وغير ذلك، ومن هنا يعلم أن القول باستحباب ذلك خلاف السنة، فإن تركه سنة كما أن فعله سنة.

ثانيًا: نقل العمل المتصل زمنًا بعد زمن من عهده -صلى اللَّه عليه وسلم-: كتركهم أخذ الزكاة من الخضروات مع أنها كانت تزرع بالمدينة، وقد كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والخلفاء بعده لا


(١) "إعلام الموقعين" (٣/ ٣٤٨ - ٣٤٩)، واعتمد ابن القيم في هذا التقسيم على القاضي عبد الوهاب، انظر: "ترتيب المدارك" (١/ ٤٧ - ٥١)، "إرشاد الفحول" (٨٢)، مع التنويه إلى أن ابن القيم توسع في بيان هذه الأقسام بتفريعات وأمثلة كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>