للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكاحًا شرعيًا صحيحًا، ولم يرتكب في عقده محرمًا ولا قبيحًا؟ وكيف يشبهه بالتيس المستعار (١)، وهو من جملة المحسنين الأبرار؟ وكيف تُعَيَّر به المرأة طول دهرها بين أهلها والجيران، وتظل ناكسة رأسها إذا ذكر ذلك [التيس] (٢) بين النسوان؟ وسل التيس المستعار: هل حَدَّثَ نفسَه وقت هذا العقد الذي هو شقيق النفاق، بنفقة أو كسوة أو وزن صداق؟ وهل طمعت المصابة منه في شيء من ذلك، أو حدثت نفسها به هنالك؟ وهل طلب منها ولدًا نجيبًا، واتخذته عشيرًا وحبيبًا؟ وسل عقول العالمين وفِطَرَهم: هل كان خير هذه [الأمة] (٢) أكثرهم تحليلًا، أو كان المحلل الذي لعنه اللَّه ورسوله أهداهم سبيلًا؟ وسل التيس المستعار ومن ابتليت به: هل تجمَّلَ أحد منهما (٣) بصاحبه كما يتجمل الرجال بالنساء والنساء بالرجال، أو كان لأحدهما رغبة في صاحبه بحسبٍ أو مالٍ أو جمال؟ وسل المرأة: هل تكره أن يتزوج عليها هذا التيسُ المستعار أو يتسرّى، أو تكره أن تكون تحته امرأة غيرها أخرى، أو تسأله عن ماله وصنعته أو حسن عشرته وسعة نفقته؟ وسل التيس [المستعار] (٢): هل


(١) تسميةُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المحلِّل، بالتيس المستعار:
أخرجه ابن ماجه (١٩٣٦) في (النكاح): باب المحلل والمحلل له، والروياني في "المسند" (٢٢٦) والطبراني في "الكبير" (١٧/ رقم ٨٢٥)، والدارقطني (٣/ ٢٥١) -ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (رقم ١٠٧٢) - والحاكم (٢/ ١٩٨ - ١٩٩)، والبيهقي (٧/ ٢٠٨) من طريقين (عثمان بن صالح وعبد اللَّه بن صالح) عن الليث بن سعد عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا أخبركم بالتيس المستعار. . . ".
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقد أعل أبو زرعة الحديث -كما نقله عنه ابن أبي حاتم (١/ ٤١١) - بعدم سماع الليث من مشرح، وكذا أعله الترمذي في "علله الكبير".
أقول: ثبت في بعض طرق الحديث تصريح الليث بالسَّماع من مشرح قال الزيلعي (٣/ ٢٣٩): "قوله في الإسناد -أي إسناد ابن ماجه- قال أبو مصعب يرد ذلك" وكذلك حسنه عبد الحق في "الأحكام الوسطى" (٦/ ٢٢٨).
والعلة التي ذكرها ابن أبي حاتم لم يعرج عليها ابن القطان، في "بيان الوهم والإيهام" (٣/ ٥٠٤ - ٥٠٥) ولا غيره.
وقال البوصيري (١/ ٣٤٠): هذا إسناد مختلف فيه من أجل أبي مصعب.
أقول: أبو مصعب هو مشرح بن هاعان، حسن الحديث، واللَّه أعلم.
وفي (ق): "يشبه"
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٣) في (ن) و (ك) و (ق): "أحدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>