للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ينطلق في حديثه عن العمل مما ذكره محققو المذهب كالقاضي عبد الوهاب، وينطلق من الأحكام التي أصلها العمل، مبينًا ترجيح المالكية للعمل على سنن ثابتة بحجة أنها من أخبار الآحاد.

٣ - في رده ليس هناك ما يدل على أنه يقصد فهم الإمام مالك للعمل، وإنما يقصد المتعصبين للمذهب الذين يأخذون بالعمل بإطلاق، دون التمييز بين ما طريقه النقل وما طريقه الاستدلال.

وقد صرح ابن القيم -كما تقدم- أن ما طريقه النقل موضع اتفاق، ولا يتصور وجود نص صحيح يعارضه.

يقول الباجي: "إن مالكًا إنما عول على أقوال أهل المدينة وجعلها حجة فيما طريقه النقل. . . " (١)، "وأما مسائل الاجتهاد فالمالكية وغيرهم سواء" (٢).

وعلق الدكتور الجيدي (٣) على موقف ابن القيم من العمل بأنه متناقض، حيث ما نص عليه في "إعلام الموقعين" من أن عمل أهل المدينة منه ما هو حجة ومنه ما ليس كذلك، ناقضه في كتابه "الطرق الحكمية" (٤) حيث أشاد به واعتبره حجة.

وحتى يتبين هذا الأمر نعرض ما جاء عن العمل في "الطرق الحكمية":

قال ابن القيم: ". . . ومن ذلك قول أهل المدينة -وهو الصواب- أنه لا يقبل قول المرأة: أن زوجها لم يكن ينفق عليها ويكسوها فيما مضى من الزمن، لتكذيب القرائن الظاهرة لها، وقولهم في ذلك هو الحق الذي ندين اللَّه به ولا نعتقد سواه" (٥).

فوَصْفُه قولَ أهل المدينة بالصواب، لا يفهم منه أنه يعمم الصواب على كل أقوال أهل المدينة، ووصفه بأنه الحق الذي يدين اللَّه به ولا يعتقد سواه، يقصد به ابن القيم هذه المسألة بالذات ولا يعمم.

وعن مذهب أهل المدينة في الدعاوى يقول: "وهو من أَسَدِّ المذاهب وأصحها" (٦)، ويقول: "هذا مذهب مالك وأصحابه وهو الصواب" (٧)، في موضوع الدعاوى بالخصوص.


(١) "أحكام الباجي" (٤٨٠ - ٤٨١).
(٢) "أحكام الباجي" (٤٨٢).
(٣) في كتابه "العرف" (ص ٣١٥ - ٣١٦).
(٤) انظره: (ص ٢٠).
(٥) "الطرق الحكمية" (ص ٢٠).
(٦) "الطرق الحكمية" (ص ٨٨).
(٧) "الطرق الحكمية" (ص ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>