للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الأمثال والأشباه والنظائر: يقول ابن القيم: "إن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- كانوا يستعملون القياس في الأحكام، ويعرفونها بالأمثال والأشباه والنظائر" (١).

٣ - الميزان: وهو اللفظ الذي يرجح ابن القيم استعماله بدلًا من استعمال لفظ القياس. فبعد أن ذكر ابن القيم بعض الآيات التي ورد فيها لفظ الميزان، كقوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧)} [الرحمن: ٧]، قال: "والميزان يراد به العدل والآلة التي يعرف بها العدل وما يضاده، والقياس الصحيح هو الميزان، فالأولى تسميته بالاسم الذي سماه اللَّه به، فإنه يدل على العدل، وهو اسم مدح، واجب على كل واحد في كل حال بحسب الإمكان، بخلاف اسم القياس، فإنه ينقسم إلى حق وباطل وممدوح ومذموم" (٢).

فابن القيم يقسم القياس إلى صحيح وفاسد، فالصحيح هو الميزان، والفاسد غير معتبر كقياس الكفار البيع على الربا في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٤]، بجامع ما يشتركان فيه من التراضي بالمعاوضة المالية، وكقياس الميتة على المذكى في جواز أكلها بجامع ما يشتركان فيه من إزهاق روح الميتة بفعل اللَّه، وإزهاق روح المذكى بفعل الذابح، قال ابن القيم: "ولهذا تجد في كلام السلف ذم القياس وأنه ليس من الدين، وتجد في كلامهم استعماله والاستدلال به، وهذا حق وهذا حق" (٣).

وقد حدد ابن القيم ضابط معرفة القياس الصحيح والقياس الفاسد فقال: "إن أصح الناس قياسًا أهل الحديث، وكلما كان الرجل إلى الحديث أقرب كان قياسه أصح، وكلما كان عن الحديث أبعد كان قياسه أفسد" (٤).

وبين أن السلف قرروا العمل بالقياس عند الضرورة، وأنهم لم يلزموا أحدًا العمل به ولم يحرموا مخالفته، ولا اعتبروا مخالفه مخالفًا للدين، بل غايته أنهم خيروا بين قبوله ورده (٥).

ومع أخذ ابن القيم بالقياس عند الضرورة، فهو يعتبر النصوص محيطة بأحكام جميع الحوادث وقد سبق الإشارة إلى ذلك (٦).


(١) "إعلام الموقعين" (١/ ٣٧٧).
(٢) "إعلام الموقعين" (١/ ٣٥٠ - ٣٥١).
(٣) "إعلام الموقعين" (١/ ٣٥١).
(٤) "إعلام الموقعين" (٣/ ١٦٨).
(٥) "إعلام الموقعين" (١/ ١٣٥).
(٦) "ابن القيم أصوليًا" (ص ١٨٤ - ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>