للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأجله؟ فانظر كيف أثرَّ القصدُ في التحريم ولم يرفعه ظاهرُ الفِعْل، ومن ذلك الأثر المرفوع من حديث أبي هريرة: "مَنْ تزوج امرأة بصَدَاق ينوي أن لا يؤدّيه إليها فهو زانٍ، ومن ادَّانَ دينًا ينوي أن لا يقضيه فهو سارق" (١) ذكره أبو حفص بإسناده؛ فجعل المشتري والناكح إذا قصدا أن لا يؤدّيا العِوَضَ بمنزلة مَنِ استحل الفرج والمال بغير عوض، فيكون كالزاني والسارق في المعنى وإن خالفهما في الصورة، ويؤيد ذلك ما في "صحيح البخاري" مرفوعًا: "مَنْ أخذ أموالَ الناس يريد أداءَها أدَّاها اللَّه عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه اللَّه" (٢).

فهذه النصوص وأضعافها تدل على أن المقاصد تغيّر أحكام التصرفات من العقود وغيرها، وأحكام الشريعة تقتضي ذلك أيضًا؛ فإن الرجل إذا اشترى أو


= (٢/ ٢٧٦) - من طريق عثمان بن خالد عن مالك عن نافع عن ابن عمر به مرفوعًا نحوه. وعثمان هذا قال فيه ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة.
وضعفه البخاري، وانظر لزامًا تعليقي علي "الموافقات" (٣/ ١٠ - ١٢) وتعليقي على "سنن الدارقطني" (رقم ٢٧٠٦ - ٢٧١٠). و"بيان الوهم والإيهام" (٣/ ٨٣ رقم ٧٧٧) و"التحقيق" (٦/ ١٦٥ رقم ١٤٨٤).
(١) حديث أبي هريرة هذا ذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" (٤/ ٣٥٣)، ولم يعزه العراقي لأحد، بل ذكر له شاهدًا من حديث صهيب الرومي.
ثم وجدت حديث أبي هريرة هذا، رواه البزار في "مسنده" (١٤٢٩ و ١٤٣٠) والبيهقي (٧/ ٢٤١) وابن الجوزي في "الواهيات" (١٠٢٩) -وعزاه ابن تيمية في "بيان الدليل" (١٣٧) إلى ابن بطة- والأول اقتصر على الزواج.
قال الهيثمي في "المجمع": (٤/ ١٣١) رواه البزار من طريقين:
الأول: فيه محمد بن الحصين الجزري، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، والثاني: فيه محمد بن أبان الكلبي، وهو ضعيف.
وله شاهد من حديث صهيب بلفظه: رواه أحمد في "مسنده" (٤/ ٣٣٢)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ١٥٤) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٤٢)، وفي "شعب الإيمان" (٥١٥٩)، و (٥١٦٠) وابن الجوزي في "الواهيات" (١٠٢٧، ١٠٢٨).
ورواه ابن ماجه في (الصدقات): (٢٤١٠)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ٢٣٠)، والطبراني في "الكبير" (٧٣٠١)، والخطيب في "التاريخ" (٦/ ٣١٢ - ٣١٣)، قال العراقي: وفي سنده اضطراب.
وفي الباب أيضًا عن ميمون الكردي عن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: رواه الطبراني في "الأوسط" (١٨٥١ و ٦٢١٣)، وفي "الصغير" (١١١) قال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ١٣٢ و ٢٨٤): رجاله ثقات.
(٢) رواه البخاري (٢٣٨٧) في (الاستقراض): باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>