للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[به] (١) رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله في امرأة العَجْلَاني على أن يكون، ثم كان -كما أخبر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والأغلب على من سمع الفزاري يقول للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن امرأتي ولدت غلامًا أسود" (٢) وعَرَّضَ بالقذف أنه يريد القذف ثم لم يحده النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ لم يكن التعريض ظاهرَ قذفٍ، فلم يحكم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بحكم القذف، والأغلب على مَنْ سمع قول ركانة لامرأته: "أنت طالق البتة" (٣) أنه قد أوقع الطلاق بقوله: أنت طالق وأن البتَّة إرادة شيء غير الأول أنه أراد الإبتات بثلاث، ولكنه لما كان ظاهرًا في قوله واحتمل غيره لم يحكم النبي (٣) -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا بظَاهِر الطلاق واحدة.

فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم استدلالًا على أن ما أظهروا خلاف ما أبطنوا بدلالة منهم أو غير دلالة لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنة، وذلك [مثل] (٤) أن يقول قائل: مَنْ رجع عن الإسلام ممن ولد عليه قَتَلْتُه ولم أسْتَتِبْهُ، ومن رجع عنه ممن لم يولد عليه أسْتَتِبْه (٥)، ولم يحكم اللَّه على عباده إلا حكمًا واحدًا، ومثله أن يقول: مَنْ رجع عن الإسلام ممن أظهر نصرانية أو يهودية أو دينًا يُظهره كالمجوسية أسْتَتِبْه فإن أظهر التوبة قبلت منه، ومَنْ رجع إلى دين خِفْية لم أستتبه، وكلٌّ قد بدَّل دين الحق ورجع إلى الكفر، فكيف يُستتاب بعضُهم ولا يستتاب بعض؟ فإن قال: لا أعرف توبة الذي يُسِرُّ دينه؟ قيل: ولا يعرفها إلا اللَّه، وهذا -مع خلافه حكم اللَّه ثم رسوله- كلام محال، يُسْأل من قال هذا: هل تدري لعلَّ الذي كان أخفى الشرك يَصْدُق بالتوبة والذي كان أظهر الشرك يَكْذب بالتوبة؟ فإن قال؟ نعم، قيل: فتدري لعلك قتلت المؤمن الصادق الإيمان واستحييت الكاذب بإظهار الإيمان؟ فإن قال: ليس عليّ إلا الظاهر، قيل: فالظاهر فيهما واحد وقد جعلته اثنين بعلة مُحَالة، والمنافقون على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُظهروا يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية بل كانوا يستسِّرون بدينهم فيُقبل منهم ما يُظهرون من الإيمان! فلو كان قائل هذا القول حين خالف


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (و) و (ك) و (ق).
(٢) رواه البخاري (٥٣٠٥) في (الطلاق)؛ باب إذا عَرَّض بنفي الولد، و (٦٨٤٧) في (الحدود): باب ما جاء في التعريض، و (٧٣١٤) في (الاعتصام): باب مَنْ شَبَّه أصلًا معلومًا بأصل مبين، ومسلم (١٥٠٠) في (اللعان)، من حديث أبي هريرة.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(٥) في (ك): "استبته".

<<  <  ج: ص:  >  >>