للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاقتباسها، وأعجبت غاية الإعجاب بتقمص لباسها" (١).

ويجد منعم النظر في كتابنا هذا تأصيلًا وتحليلًا لكثير من المسائل والمباحث، بلغت مرتبة النضوج والاكتمال وصيغت على هيئة قواعد (٢) تجريدية


(١) "الذخيرة" (١/ ٣٦).
(٢) ذكر المرداوي في "التحبير شرح التحرير" (٨/ ٣٨٣٧) أن ابن القيم ذكر قواعد في الأصول، وكذا في المذهب، ووصفها بـ (كثيرة)، وقال: "أتى بأشياء كثيرة حسنة جدًّا نافعة لطالب العلم"، وقال: "يجب على كل من أراد إحكام علم أن يضبط قواعده، ليرد إليها ما ينتشر من الفروع، ثم يؤكد ذلك بالاستكثار من حفظ الفروع؛ ليرسخ في الذهن، فيتميّز على نظرائه بحفظ ذلك واستحضاره" انتهى.
وهذا نص مهم فات من خَصَّ دراسة القواعد عند ابن القيم بالتَّصنيف، ومما يذكر في هذا الباب: أن كتابنا "إعلام الموقعين" من أنبل كتب ابن القيم "وأجلها وأثراها بالقواعد الفقهية والتخريج عليها" وأن "هذا الكتاب (وثيقة شرعية للقواعد الفقهية) "، أفاده الشيخ العلامة بكر أبو زيد في تقديمه لـ"القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب "إعلام الموقعين"" (ص ٥).
وقد استقرأ الأستاذ عبد المجيد جمعة الجزائري هذا في كتابه "القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب "إعلام الموقعين"". واستخرج منه (تسعًا وتسعين) قاعدة، وقال في ديباجته (ص ١٣ - ١٥) عن كتابنا هذا بعد أن أنعم النظر فيه: "ألفيتُه كتابًا زاخرًا بدرر القواعد، وافرًا لِغرر الفوائد، حافلًا بأنواع المعارف والموائد، قد بلغ فيه مؤلفه الغاية، وأظهر فيه الكفاية. فغُصْتُ في بحره الرّائق، أستخرج من كنز الدّقائق، درَّه النّفيس، فجمعت ما يحكم العِقْد، ويوفي بالقصد.
وبعد الاستخارة والمشاورة، انشرح صدري، واطمأنت نفسي إلى البحث، فسجّلته تحت عنوان: "القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب "إعلام الموقعين" للعلامة ابن قيم الجوزية رحمه اللَّه".
ثم ذكر (سبب اختياره لهذا الموضوع)، ونجتزئ منه ما يكشف عن (القواعد الفقهية): وجودًا وأهمية، قال:
"إنّ العلّامة ابن القيم رحمه اللَّه كانت له اليد الطّولى، والقدم الرّاسخة في دقائق الاستنباط، لما كان يتمتّع به من جودة الفكر، ودقّة النظر، ونور البصيرة، وصفاء القَرِيحة، وتوقّد الذهن، وحسن الفهم، الأمر الذي مكّنه من تفهم روح الكتاب والسّنة، والاستشراف على أسرار الشّريعة الإسلاميّة الغرّاء، فلا غرو أن يأتي -هذا الجهبذ- بغرر القواعد.
إنَّ العلّامة ابن القيّم رحمه اللَّه كان يعرف بفيض علمه، وسعة اطّلاعه، وتبحّره في الفقه الإسلامي، ومعرفته بأصول المذاهب، ومآخذ الأقوال، حتى صار من العلماء الأعلام، وأئمّة الإسلام، الّذين لا يُشَقُّ غبارهم، ولا تُغمزُ قناتهم، بشهادة أهل العلم له، فحريٌّ -بمثل هذا النِّحرير- أن يخرّج المسائل، ويجمع الأمثال، ويؤلف الأشباه في قواعد كليّة عامّة، وضوابط فقهية هامّة.
مساهمته بقسط وافر، وعلم زاخر، في تأسيس القواعد، وبناء صرح هذا العلم الفاخر. =

<<  <  ج: ص:  >  >>