للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متحررة من المذهبيّة، أو الطريقة التقليديّة في عرض مادة (الأصول) أو (الفقه) وهو قفزة علمية عملية من فوق (الركود) و (التراكم) -المعروفين في ذلك الزمن- إلى (النصوص) و (القواعد) المتبعة عند (السلف) في الاستدلال والاستنباط، مع تزييف ما خرج عنهما من (المسائل)، أو أدخل فيهما زورًا من (المبادئ) و (الكليات).

وإن النهضة العلمية اليوم تتطلب من تلاميذها العكوف على مثل هذا النوع من المؤلفات، ودراستها بتمحيص من ناحية نظرية ليكون لها أثر علمي في (النوازل المستجدة)، لتتواصل مسيرة (الخير) و (العلم) على (منهج) واحد جامع بين (الأفهام) قائم على (الحق) و (العدل)، ولا سيما مع كثرة المستجدات في الوقت الحاضر في سائر ضروب وميادين الحياة، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والطبية.

ومن نافلة القول: إن صياغة القواعد الفقهية، أو الضوابط التي كانت معتبرة عند السلف تحتاج إلى قدرة بيانية، وكفاءة فقهية عالية، واستحضار تام لأغلب المسائل الفروعية، وأن هذه الأسباب والشروط تحققت في الإمام ابن القيم، فلا عجب أن يكون له فيها الباع الطويل.


= إنّه رحمه اللَّه شخصية فقهية مستقفة، متحزرة من قيود المذهبيّة، حيث كانت نظرته إلى القواعد كنظرته إلى الفروع والمسائل، يرى أنّ فيها المقبول، وفيها المردود، فما كان فيها مقبولًا أيّده بالدّليل من الكتاب والسّنة، وإجماع الأمة والقياس الصّحيح؛ وما كان فيها مردودًا أتى عليه بالنّقد البنّاء؛ فإبراز هذا الفن في مثل هذه الشخصية خير معين لطلبة هذا الفنِّ على التمييز بين صحيح القواعد وسقيمها، وببن مقبولها ومردودها.
- إنّ القواعد الفقهية في كتاب "إعلام الموقعين" متناثرة، والفوائد فيه متطايرة، وقد يبذل الباحث جهده، وينفد وجده في جمعها والوقوف عليها، وربّما لا يتأتى له منها إلا النّزر اليسير، فأحدث اللَّه في نفسي أن تلك القواعد المهمّة، والفوائد الجمّة لو اجتمعت في كتاب، وحيث تبنى عليها فروعها، وترد إليها مسائلها، لكانت قريبة التّناول، سهلة المأخذ، ولتكيّفت نفس الواقف عليها بها مجتمعة أكثر مما إذا رآها مفرّقة.
- إنّ جمع القواعد الفقهية، واستخراجها من كتاب "إعلام الموقعين" يبرز هذا الفنّ في شخصية الإمام ابن القيّم رحمه اللَّه العلمية.
- المساهمة في خدمة الجانب الفكري لشخصيته العلمية، وذلك أن كثيرًا من الباحثين تناولوا بالدراسة شخصيته من زوايا مختلفة" ثم ختم كلامه، بقوله:
"إنّ كتاب "إعلام الموقّعين" من أنفس ما أفاض به علم ابن القيّم رحمه اللَّه، فقد اشتمل على أصول الشّريعة وحِكَمِها، وكشف عن أسرارها ومحايشها، وزخر بغرر القواعد ومسائلها، فكان حريًّا بالدّراسة واستخراج تلك القواعد منه".
وساق الباحث عبد اللَّه لخضر في أطروحته "ابن القيم أصوليًا" (ص ٤٤٢ - ٤٤٣) أُمَّاتِ القواعد الأصولية والفقهية الموجودة في كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>