للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل الناس في دين اللَّه أفواجًا، وقد اتسعت الدنيا على المسلمين أعظم اتساع، وكثُر من كان يتعدى الحدود، وكان المقتضى لوجود هذه الحيل موجودًا فلم يُحفظ عن رجل واحد منهم أنه أفتى بحيلة واحدة منها أو أمر (١) بها أو دلَّ عليها، بل المحفوظ عنهم النهي والزجر عنها؛ فلو كانت هذه الحيل مما يسوغ فيها الاجتهاد لأفتى بجوازها رجلٌ منهم، ولكانت مسألة نزاع كغيرها. بل أقوالهم وأعمالهم وأحوالهم متفقة على تحريمها والمنع منها، ومضى على أثرهم أئمة الحديث والسنة في الإنكار، قال الإمام أحمد في رواية موسى بن سعيد الدِّنْدانيّ (٢): لا يجوز شيء من الحيل (٣)، وقال في رواية الميموني وقد سأله عَمَّن حلف على يمين ثم احتال لإبطالها، فقال: نحن لا نرى الحيلة (٤) وقال في رواية بكر (٥) بن محمد: إذا حلف على شيء ثم احتال بحيلة فصار إليها فقد صَارَ إلى ذلك الذي حَلفَ عليه بعينه، وقال: [بَلَغني عن مالك، أو قال: قال مالك] (٦): من احتال بحيلة فهو حانث، وقال في رواية صالح (٧) وأبي الحارث وقد ذُكر له قول أصحاب الحيل فأنكره (٨)، وقال في رواية إسماعيل بن سعيد (٩) وقد سئل


(١) في (ك) و (ق): "وأمر".
(٢) في (ق) و (ك) و (د)، و (ط): "الديداني" وقال (و): "في الأصل وفي كل طبعاته: الديداني بالياء بدلًا من النون الأولى، والتصويب من "خلاصة تذهيب الكمال"، ومن "اللباب" لابن الأثير، وهو موسى بن سعيد بن النعمان بن حيان، وضبط في. "التقريب" بفتح الدالين، ويضبط بكسر الأولى" اهـ.
قلت: انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (٢٩/ ٧٠)، و"تهذيب التهذيب" (١٠/ ٣٤٥).
(٣) نقلها ابن تيمية في "بيان الدليل" (٦٠).
(٤) نقلها ابن تيمية في "بيان الدليل" (٦٠).
(٥) كذا في جميع الأصول، وهو بكر بن محمد النسائي أبو أحمد، له "مسائل أحمد"، ونقل منها ابن رجب في "قواعده" (١/ ٣٩٤ - بتحقيقي)، ولكن الكلام المذكور هنا معزو في "بيان الدليل" (٦٠) لأحمد من رواية ابن الحكم، وهو جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي، ترجمته في "السير" (١٦/ ٣٠)، وله "مسائل أحمد"، ونقل ابن رجب منها أيضًا، انظر على سبيل المثال: (٢/ ١٠٧، ٢٣٦ و ٣/ ٥، ٢٢١، ٣٤٣ - بتحقيقي).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من جميع الأصول، وهو فقط من "بيان الدليل" (٦٠).
(٧) انظر: "مسائل صالح" (٢/ ٤٨٦/ ١٢١٠)،
(٨) في "بيان الدليل" (ص ٩٠): "قال الإمام أحمد في رواية صالح وأبي الحارث: هذه الحيل التي وضعها هؤلاء: فلان وأصحابه، عمدوا إلى السنن، فاحتالوا في نقضها، والشيء الذي قيل لهم: إنه حرام احتالوا فيه حتى أحلّوه".
(٩) في (ن): "سعيد بن إسماعيل"!

<<  <  ج: ص:  >  >>