للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: أن هذا محال أيضًا، ولا يقع المعلق؛ إذ حقيقته أنت طالق في الزمن السابق على تطليقك تنجيزًا أو تعليقًا فيعود إلى (١) سبق الطلاق للتطليق، وسبق الوقوع للإيقاع (٢)، وهو حكمٌ بتقديم (٣) المعلول على علَّته.

يوضحه أن قوله: "إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله" إما أن يريد طالق قبله بهذا الإيقاع أو بإيقاعٍ متقدم. والثاني ممتنع، لأنه لم يسبق هذا الكلام منه شيء. والثاني لأنه يتضمن (٤): "أنت طالق قبل أن أطلقك" وهذا عين المحال. فهذا كشف حجاب هذه المسألة وسر مأخذها، وقد تبين أن مسألة الشافعي هذه لون وهي لون آخر (٥).

وأما قولكم: "إن الحُكمَ لا يجوز تقدمه على علّته، ويجوز تقدمه على شرطه (٦) كما يجوز تقدمه على أحد سببيه -إلى آخره" فجوابه أن الشرط إما أن يوجد جزءًا من المُقْتضى أو يوجد خارجًا عنه، وهما قولان للنُّظار، والنزاع لَفْظِيٌّ؛ فإن أريد بالمقتضى التام فالشرط جزءٌ منه، وإن أريد به المقتضى الذي يتوقف اقتضاؤه على وجود شرط وعدم مانعه فالشرطُ ليس جزءًا منه، ولكن اقتضاؤه يتوقف عليه، والطريقة الثانية طريقة القائلين بتخصيص العلة، والأولى (٧) طريقة المانعين من التخصيص، وعلى التقديرين فيمتنع تأخر الشرط عن وقوع المشروط؛ لأنه يستلزم وقوع الحكم بدون سببه التام؛ فإن الشرط إن كان جزءًا من المقتضى فظاهرٌ، وإن كان شرطًا لاقتضائه فالمعقق على الشرط [لا] (٨) يوجد (٩) عند عدمه، وإلا لم يكن شرطًا؛ فإنه لو كان يوجد بدونه لم يكن شرطًا، فلو ثبت الحكم قبله لثبت بدون سببه التام، فإن سببه لا يتم إلا بالشرط، فعاد الأمر إلى سبق الأثر لمؤثره والمعلول لعلته، وهذا محال، ولهذا لما لم يكن لكم حيلةَ في دَفْعه وعلمتم لزومه فررتم إلى ما لا يُجْدِي عليكم شيئًا، وهو جَعلُ


(١) في (ن) و (ق): "على".
(٢) في (ق): "الإيقاع للوقوع".
(٣) في (ك) و (ق): "بتقدم".
(٤) كذا في (ن) و (ق) و (ك)، وفي سائر النسخ: "والثاني كذلك؛ لأنه لا يتضمن".
(٥) كذا في (ن) و (ق) و (ك). وفي سائر النسخ: "أن مسألة الشافعي لون وهذه لون آخر".
(٦) في (ن): "على أحد شرطه"، وفي (ق): "على أحد شرطيه".
(٧) في (ك) و (ق): "الأول".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق) و (ك)، وفي هامش (ق): "لعله: لا".
(٩) في (ك): "يوجده".

<<  <  ج: ص:  >  >>