للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: يقول العالم شيئًا برأيه ثم يجد مَنْ هو أعلم منه برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١) فيترك قوله [ذلك] (٢) ثم يمضي الأتْباعُ" (٣).

ذكر أبو عمر هذه الآثار كلها وغيره (٤).

فإذا كنا قد حُذِّرْنَا [من] (٥) زلة العالم وقيل لنا: إنها من أخوف ما يُخاف علينا، وأمِرْنا مع ذلك أن لا نرجع عنه، فالواجب على من شرح اللَّه صدره للإسلام إذا بلغته مقالة ضعيفة عن بعض الأئمة أن لا يحكيها لمن يتقلَّدها، بل يسكت عن ذكرها إن تيقَّن صحتها (٦)، وإلا توقف في قبولها؛ [فكثيرًا] (٧) ما يُحكى عن الأئمة ما لا حقيقة له، وكثير من المسائل يخرِّجها بعضُ الأتباع على قاعدة متبوعِهِ (٨) مع أن ذلك الإمام لو رأى أنها تفْضِي إلى ذلك لما التزَمها، [وأيضًا فلازِمُ المذهبِ ليس بمذهب، وإن كان لازم النص حقًا (٩)؛ لأن الشارع لا يجوز عليه التناقض، فلازم قوله حق، وأما مَنْ عداه فلا يمتنع عليه أن يقول الشيء ويخفى عليه لازمُهُ، ولو علم أن هذا لازمه لما قاله؛ فلا يجوز أن يقال: هذا مذهبه، ويُقوَّل ما لم يقله، وكل مَنْ له علم بالشريعة وقدرها وبفضل الأئمة ومقاديرهم وعلمهم وورعهم ونصيحتهم للدِّين تيقن أنهم لو شاهدوا أمر هذه الحيل وما أفْضَتْ إليه من التلاعب بالدين لقطعوا بتحريمها] (١٠).


(١) في "الجامع"، و"بيان الدليل": "أعلم برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منه".
(٢) ما بين المعقوفتين أثبته من "الجامع"، و (و)، و"بيان الدليل".
(٣) أخرجه البيهقي في "المدخل" (٨٣٥، ٨٣٦)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (٢/ ١٤)، وابن عبد البر في "الجامع" (١٨٧٧)، وإسناده صحيح.
(٤) في "بيان الدليل": "وهذه آثار مشهورة رواها ابن عبد البر وغيره".
(٥) ما بين المعقوفتين أثبتها محقق "بيان الدليل" من إحدى مخطوطتيه، وفي (ك): "وجدنا" بدل "حذرنا".
(٦) قال (و): "في فتاوى ابن تيمية: إلى أن يتيقن من صحتها" اهـ.
قلت: وكذا في "بيان الدليل".
(٧) في "بيان الدليل": "فما أكثر".
(٨) في إحدى مخطوطتي "بيان الدليل" -وأثبته محققه-: "مسوغة"!
(٩) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٦/ ٤٦١، ٢٠/ ٢١٧، ٢٩/ ٤٢)، "الإعتصام" (٢/ ٣٨٨ - بتحقيقي).
(١٠) بدل ما بين المعقوفتين في "بيان الدليل" (ص ٢٠٨): "والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، ومن علم فقه الأئمة وورعهم، علم أنهم لو رأوا هذه الحيل، وما أفضت إليه من التلاعب بالدين لقطع بتحريمها من لم يقطع به أولًا" اهـ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>