للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للحق" ليس كذلك، وإنما الهَضْم أن يقول: لا أقر لك حتى تهَبَ لي كذا وتَضَعَ عني كذا وأما إذا أقرَّ له ثم صالحه ببعض ما أقر به فأي هضم هناك؟ وقول مَن منع الصلح على الإنكار: "إنه يتضمن المعاوضة عما لا تصح المعاوضة عليه" فجوابه أنه افتداء لنفسه من الدعوى واليمين وتكليف إقامة البينة كما تفتدي المرأة نفسَها من الزوج بما (١) تبذله له، وليس هذا بمخالف لقواعد الشرع، بل حكم (٢) الشرع وأصوله وقواعده ومصالح المكلفين تقتضي ذلك.

فهاتان (٣) صورتان: صُلحٌ عن الدَّيْن الحال [وصلح] (٤) ببعضه حالًّا مع الإقرار ومع الإنكار.

الصورة الثالثة (٥): أن يصالح عنه ببعضه مؤجلًا مع الإقرار والإنكار، فهاتان صورتان أيضًا، فإن كان مع الإنكار ثبت التأجيل، ولم تكن له المطالبة به قبل الأجل؛ لأنه لم يثبت له قبله دينٌ [حالّ] (٦) فيقال: لا يقبل التأجيل، وإن كان مع الإقرار ففيه ثلاثة أقوال للعلماء، وهي في مذهب الإمام أحمد رحمه اللَّه (٧):

أحدها: لا يصح الإسقاط ولا التأجيل، بناءً على أن الصلح لا يصح مع الإقرار وعلى أن الحال لا يتأجل.

والثاني: أنه يصح الإسقاط دون التأجيل، بناءً على صحة الصلح مع الإقرار.

والثالث: أنه يصح الإسقاط والتأجيل، وهو الصواب، بناءً على تأجيل القَرْض والعارية، وهو مذهب أهل المدينة، واختيار شيخنا (٨).

وإن كان الدَّين مؤجلًا فتارة يصالحه على بعضه مؤجَّلًا مع الإقرار والإنكار (٩)، فحكمه ما تقدم، وتارة يصالحه ببعضه حالًا مع الإقرار والإنكار، فهذا للناس فيه ثلاثة أقوال أيضًا:


(١) في (ك) و (ق): "بمال".
(٢) في (ك) و (ق): "بحكمة".
(٣) في (ق): "وهاتان".
(٤) ما بين المعقوفتين من (ن) و (ك) و (ق).
(٥) في (ك): "الثانية".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٧) "المغني" (٥/ ٩ - مع "الشرح الكبير")، "شرح الزركشي" (٤/ ١٠٤)، "الروض المربع" (٢/ ٢٨٣)، "الإفصاح" (١/ ٣٧٨)، "منتهى الإرادات" (٢/ ٢٦٣)، "المبدع" (٤/ ٢٨٥)، "كشاف القناع" (٣/ ٣٨٥).
(٨) انظر: "الاختيارات الفقهية" (ص ١٣٤)، "الجامع للاختيارات الفقهية" (٣/ ١١٦٧)، "مجموع فتاوى ابن تيمية" (٣٠/ ٧٢).
(٩) في (ك): "والإمكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>