للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميراث إذا علم أنه ميراث جارٍ مجرى بيع البراءة كان لم يشترط، وعلى هذا فإذا قال أبيعك بيع الميراث لا قيام بعيب صح ذلك ويكون بيع براءة (١)؛ وفي الميراث لا يحتاج إلى ذكره. قالوا: وإذا قلنا إن البراءة تنفع فإنما منفعتها في امتناع الرد بعيب لم يعلم به البائع؛ وأما ما علم به البائع فإن شرط البراءة لا يمنع رد المشتري به إذا لم يكن عالمًا به وقت العقد؛ فإذا ادعى المشتري علم البائع فأقرَّ أو نَكَلَ بعد توجه اليمين عليه توجَّهَ الرد عليه. قالوا: ولو ملك شيئًا ثم باعه قبل أن يستعمله بشرط البراءة لم ينفعه ذلك حتى يستعمله ويستبرئه ثم يبيعه بشرط البراءة، قال في "التهذيب" في التجار يقدمون بالرقيق فيبيعونه بالبراءة ولم تطل إقامة الرقيق عندهم: هؤلاء يريدون أن يذهبوا بأموال الناس باطلًا، لا تنفعهم البراءة. وقال (٢) عبد الملك وغيره: لا يشترط استعماله (٣)، ولا طول مقامه عنده، بل تنفعه البراءة كما تنفعه مع الطول والاستعمال (٤). قالوا: وإذا كان في المبيع عيب يعلمه البائع بعينه فادخله في جملة عيوب ليست موجودة، وتبرأ منها كلها، لم يبرأ منه حتى يفرده بالبراءة ويعين موضعه وجنسه ومقداره بحيث لا يبقى للمبتاع فيه قول. قالوا: وكذلك لو أراه العيبَ وشاهده لم يبرأ منه إذا كان ظاهره لا يستلزم الإحاطة بباطنه وباطنه فيه فساد آخر كما إذا أراه دَبَرَةَ البعير (٥) وشاهدها وهي مُنغِلة مفسدة (٦) فلم يذكر له ما فيها من نَغَل وغيره، ونظائر ذلك. قالوا: وكذلك لو أخبره أن به إباقًا أو سرقةً وهو (٧) إباق بعيد أو سرقة عظيمة والمشتري يظنه يسيرًا لم يبرأ حتى يبين له ذلك، قال أبو القاسم ابن الكاتب: لا يختلف قول مالك في أن بيع (٨) السلطان بيع براءة على المفلس أو لقضاء ديون من تركة ميت بيع براءة أيضًا كان لم يشترطها، قال: وإنما كان كذلك لأنه حكم منه بالبيع وبيعُ البراءَة مختلف فيه، فإذا حكم السلطان بأحد أقوال العلماء لم تردَّ قضيته عند من يرى خلاف رأيه فيما حكم به (٩)، وردَّ ذلك عليه المازريُّ وغيره، وقالوا:


(١) في (ق): "بيعًا ببراءة".
(٢) في (ق): "قال" دون واو.
(٣) في (ك): "استعلامه".
(٤) في (ق) و (ك): "والاستعلام".
(٥) هي قرحة الدابة والبعير، كما في "لسان العرب" (٢/ ١٣٢١ - دار المعارف).
(٦) قال في "اللسان" (٦/ ٤٤٩٠ - دار المعارف): "منغلة من النغل، يقال: نغل نغلًا إذا فسد".
(٧) في (ق): "وهي".
(٨) في (ق): "يبيع".
(٩) ما مضى من "عقد الجواهر الثمينة" (٢/ ٤٨٢ - ٤٨٣)، وكذلك كلام المازري الآتي، بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>