للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان لم يتعرض في البيع إلى خلاف ولا وِفاق، ولا قصد إلى حكم به يرفع النزاع، وقد حكى بعض الشيوخ الخلاف في بيع البراءة ولو تولاه السلطان بنفسه، قال: وذلك لأن سحنون قال: وكان قول مالك القديم أن بيع السلطان وبيع المواريث لا قيام فيه بعيب ولا بعهدة، قال: وهذا يدل على أن له قولاً آخر خلاف هذا، قال (١): ويدل عليه أن (٢) ابن القاسم قال: إذا بيع عبد على مُفلِس فإن للمشتري أن يرده بالعيب، قال: فالصواب (٣) أن بيع السلطان وبيع الورثة كغيرهما، قال المازري: أما بيع الورثة لقضاء ديونه وتنفيذ وصاياه فإن فيه الخلاف المشهور، قال: وأما ما باعوه لأنفسهم للانفصال من شركة بعضهم لبعض فملتحق (٤) ببيع الرجل مال نفسه بالبراءة، وكذلك من باع للإنفاق على من في ولايته.

قلت: وقول المازري: "إن بيع السلطان لا تعرض فيه لحكم (٥) " مبني على أصل، وهو أن الحاكم إذا عقد بنفسه عقدًا مختلفًا فيه هل يكون بمنزلة حكمه به [فيسوغ تنفيذه، ولا يسوغ رده أو لا يكون حكمًا منه به] (٦) فيسوغ لحاكم آخر خلافه؟ وفي هذا الأصل قولان للفقهاء، وهما في مذهب الإمام أحمد (٧) وغيره، فهذا تقرير مذهب مالك في هذه المسألة (٨).

وأما مذهب أبي حنيفة: فإنه يصحح البيع والشرط (٩)، ولا يمكن المشتري من الرد بعد اشتراط البراءة العامة، سواء علم البائع العيبَ أو لم يعلمه (١٠)، حيوانًا كان المبيع أو غيره، وتناظر في هذه المسألة أبو حنيفة وابن أبي ليلى، فقال ابن أبي ليلى: لا يبرأ إلا من عيب أشار إليه ووضع يَدَه عليه، فقال أبو


(١) في (ق): "قالوا".
(٢) في (ك): "قول".
(٣) في (ق): "والصواب".
(٤) في (ق): "فملحق" وعند ابن شاس: "فلا حقّ".
(٥) في (ق): "بحكم".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ن)، وبدلها في (ق): "فلا".
(٧) انظر: "مسائل عبد اللَّه" (٣/ ٩٠٤ وما بعد) و"مسائل أبي داود" (ص ٢٠٢) و"المغني" (٤/ ١٦٩) و"الإنصاف" (٤/ ٣٤٧ - ٣٤٨) و"المقنع" (٢/ ٢٨).
(٨) مضى توثيقه قريبًا، وهو عند ابن شاس في "الجواهر" (٢/ ٤٨٢ - ٤٨٤).
(٩) انظر: "مختصر الطحاوي" (٨١)، "اللباب" (٢/ ٢٠ - ٢١)، "القدوري" (٣٦) "المبسوط" (١٣/ ٩١)، "البدائع" (٧/ ٣٣٢٤)، "شرح فتح القدير" (٦/ ٣٩٦ - ٣٩٧)، وقال (د): "في نسخة: لا يصح البيع والشرط" اهـ.
(١٠) في المطبوع: "أولو يعلمه"!

<<  <  ج: ص:  >  >>