للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن شاء اللَّه" إن كان استثناء فهو رافع لجملة المستثنى منه فلا يرتفع، وإن كان شرطًا فإما أن يكون معناه: إن كان اللَّه قد شاء طلاقك، [أو: إن] (١) شاء اللَّه أن أوقع عليك في المستقبل طلاقًا غير هذا؛ فإن كان المراد هو الأول فقد شاء اللَّه طلاقها بمشيئته لسببه، وإن كان المراد هو الثاني فلا سبيل للمكلف إلى العلم بمشيئته تعالى فقد علق الطلاق بمشيئته من لا سبيل [للمكلف] (٢) إلى العلم بمشيئته؛ فيلغو التعليق، ويبقى أصل الطلاق فينفذ.

قالوا ولأنه علق الطلاق بما لا يخرج عنه كائن، فوجب نفوذه، كما لو قال: "أنت طالق إن علم اللَّه" أو: "إن قدر اللَّه" أو: "إن سمع [اللَّه] (٣) " أو (٤): "إن رأى". يوضحه أنه حذف مفعول المشيئة، ولم ينو مفعولًا معيَّنًا، فحقيقة لفظه: أنت طالق إن كان للَّه مشيئة، أو إن شاء أي شيء كان، ولو كانت [نيته إن شاء اللَّه] (٥) هذا الحادث المعين وهو الطلاق لم يمنع جعل المشيئة المطلقة التي (٦) هذا الحادث فرد من أفرادها شرطًا في الوقوع (٧)، ولهذا لو سئل المستثني عما أراد لم يفصح بالمشيئة الخاصة (٨) بل لعلها لا تخطر بباله، وإنما تكلم بهذا اللفظ بناءً على ما اعتاده الناس من قول هذه الكلمة عند اليمين والنذر والوعد.

قالوا: ولأن الاستثناء إنما بابه بالأيمان، كقوله: "من حلف فقال: إن شاء اللَّه فإن شاء فعل، وإن شاء ترك"، وليس له دخول في الأخبار ولا في الإنشاءات، فلا يقال: "قام زيد إن شاء اللَّه"، ولا "قم إن شاء اللَّه"، ولا "لا تقم إن شاء اللَّه"، ولا "بعت و [لا] (٩) قبلت إن شاء اللَّه".

وإيقاع الطلاق والعتاق من إنشاء العقود التي لا تعلَّق على الاستثناء، فإن زمن الاستثناء مقارن له، فعقود الإنشاءات (١٠) تقارنها أزمنتها، فلهذا لا تعلق بالشروط.

قالوا: والذي يكشف سر المسألة أن هذا الطلاق المعلق على المشيئة إما


(١) في (ق): "وإن".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٣) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٤) في (ك): "و".
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "بينه".
(٦) في (ك): "إلى".
(٧) العبارة في المطبوع: "المشيئة المطلقة إلى هذا الحادث فردًا من أفرادها شرطًا في الوقوع".
(٨) في (ق): "بالمسألة الخاصة".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(١٠) كذا في (ق) و (ك) و (د) وفي سائر النسخ: "الإنشاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>