للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لامرأته: "أنت طالق"، أو لعبده: "أنت حر"، ثم قال بعد سنة: "إن شاء اللَّه" إنها لا تطلق، ولا يعتق العبد، وأخطأ من نقل ذلك عن ابن عباس، أو عن أحد من أهل العلم البتة، ولم يفهموا مراد ابن عباس، والمقصود أن الاستثناء لا يختص باليمين [لا] (١) شرعًا ولا عرفًا ولا لغةً، وإن أردتم بكون بابه الأيمان كثرتَهُ فيها؛ فهذا لا ينفي دخوله في غيرها.

وقولكم (٢): "إنه لا يدخل في الإخبارات ولا في الإنشاءات، فلا يقال: قام زيد إن شاء اللَّه، ولا قم إن شاء اللَّه، ولا بعتُ إن شاء اللَّه، فكذا لا يدخل في قوله: "أنت طالق إن شاء اللَّه" فليس هذا بتمثيل صحيح، والفرق بين البابين أن الأمور الماضية علم أنها وقعت بمشيئة اللَّه، والشرط إنما يؤثر في الاستقبال، فلا يصح أن يقول: قمت أمس إن شاء اللَّه، فلو أراد الإخبار عن وقوعها بمشيئة اللَّه، أتى بغير صيغة الشرط، فيقول: فعلت كذا بمشيئة اللَّه وَعَوْنه وتأييده، ونحو ذلك، بخلاف قوله: غدًا أفعل إن شاء اللَّه، وأما قوله: "قم إن شاء اللَّه"، و"لا تقم إن شاء اللَّه" فلا فائدة في هذا الكلام؛ إذ قد علم أنه لا يفعل إلا بمشيئة اللَّه، فأي معنى لقوله: إن شاء اللَّه لك القيام فقم، وإن لم يشأه فلا تقم؟ نعم لو أراد بقوله: قم أو لا تقم الخبر (٣)، وأخرجه مخرج الطلب تأكيدًا أي: تقوم إن شاء اللَّه، صحَّ ذلك، كما إذا قال: مُتْ على الإسلام إن شاء اللَّه، ولا تمت إلا على توبة إن شاء اللَّه، ونحو ذلك: وكذا إن أراد بقوله: "قم إن شاء اللَّه" ردَّ المشيئة إلى معنى خَبَري، أي: [ولا تقوم إلا أن يشاء اللَّه] (٤)؛ فهذا صحيحٌ مستقيم لفظًا ومعنى، وأما: "بعت إن شاء اللَّه، واشتريت إن شاء اللَّه" فإن أراد به التحقيق صح وانعقد العقد، وإن أراد به التعليق لم يكن المذكور إنشاءً، وتنافى الإنشاء والتعليق؛ إذ زمن الإنشاء يقارنُ وجودَ معناه، وزمن وقوع المعلَّق يتأخر عن التعليق، فتنافَيَا.

وأما قولكم: "إن هذا الطلاق المعلَّق على المشيئة إما أن يريد طلاقًا ماضيًا أو مقارنًا أو مستقبلًا -[إلى آخره] " (٥) فجوابه ما قد تقدم مرارًا أنه إن أراد به [رد] (٦) المشيئة إلى هذا اللفظ المذكور، وأنَّ اللَّه (إنْ كان [قد]) (٧) شاءه فأنت


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ك): "قولكم" دون واو.
(٣) في (ق): "فنعم أراد بقوله قم ولا تقم الخبر".
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "ولا تقم ان شاء اللَّه".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ق).
(٦) ما بين المعقوفتين من (ك) و (ق).
(٧) ما بين القوسين سقط من (ق) وما بين المعقوفتين سقط من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>