للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتأكيد بذكر المشيئة ينجز (١) الطلاق، ولم يكن ذلك استثناء.

وأما (٢) قولكم: "إن الاستثناء بابه الأيْمان" إن أردتم به اختصاص الأيمان به، فلم تذكروا على ذلك دليلًا وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من حلف فقال: إن شاء اللَّه فقد استثنى" (٣)، وفي لفظ آخر: "من حلف فقال: إن شاء اللَّه فهو بالخيار؛ إن (٤) شاء فعل، وإن شاء لم يفعل" (٥) فحديث حسن، [و] (٦) لكن لا يوجب اختصاص الاستثناء بالمشيئة باليمين، وقد قال اللَّه تعالى (٧): {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤]، وهذا ليس بيمين، ويشرع الاستثناء في الوعد والوعيد، والخبر عن المستقبل، كقوله: غدًا أفعل إن شاء اللَّه، وقد عتب اللَّه سبحانه على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث قال لمن سأله من أهل الكتاب عن أشياء: "غدًا أخبركم"، ولم يقل: إن شاء اللَّه، فاحتبس الوحيُ عنه شهر ثم نزل عليه: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤] (٨) أي إذا نسيت ذكره بالاستثناء (٩) عقيب كلامك فاذكره به إذا ذكرت، هذا معنى الآية، وهو الذي أراده ابن عباس بصحة الاستثناء المتراخي (١٠)، ولم يقل ابن عباس قط، ولا من هو دونه (١١): إن الرجل إذا قال


(١) في (ك): "تنجيز".
(٢) في (ك): "أما".
(٣) سبق تخريجه.
(٤) في المطبوع: "فإن".
(٥) رواه أحمد (٢/ ٤٨٢٦ - ٤٩ و ٦٨ و ١٢٦ و ١٢٧ و ١٥٣)، وأبو داود (٣٢٦٢) في (الأيمان والنذور): باب الاستثناء في اليمبن، والترمذي (١٥٣١) في (النذور والأيمان): باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، والنسائي (٧/ ١٢) في (الأيمان والنذور): باب من حلف فاسثثنى، و (٧/ ٢٥): باب الاستثناء، وابن ماجه (٢١٠٥) في (الكفارات): باب الاستثناء في اليمين، والدارمي (٢/ ١٨٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٦٠ - ٣٦١ و ١٠/ ٤٦) من طرق عن عبد الوارث بن سعيد: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في (ق): "قال سبحانه".
(٨) ذكره ابن إسحاق -كما فيِ "سيرة ابن هشام" (١/ ٣٢١) - نحوًا من هذا دون إسناد، لكن ذكر الآية التي نزلت {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ. . .} ثم ذكر آيات سورة الكهف، وانظر: "تفسير ابن جرير" (١٥/ ٢٢٨) و"تفسير ابن أبي حاتم" (٧/ ٢٣٥٥) و"لباب النقول" (ص ١٤٣ - ١٤٤)، و"تفسر ابن كثير" (٣/ ٧٦).
(٩) في المطبوع: "إذا نسيت ذلك الاستثناء".
(١٠) انظر ما مضى، وفي (ك): "اراد" بدل "أراده".
(١١) في (ق): "ولم يقل ابن عباس هو ولا من دونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>