للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحلوف عليه ناسيًا ويطَلِّق عليه امرأته، ويخرب بيته (١)، ويشتت شمله وشمل أولاده وأهله، وقد عفا له عن الأكل والشرب في نهار الصوم ناسيًا؟

وقد عفا عمَّن أكل أو شرب في نهار الصوم عمدًا غير ناس لما تأول الخيط الأبيض والخيط الأسود بالحبلين المعروفين (٢)، فجعل يأكل حتى تبيَّنا له وقد طلع النهار، وعفا له عن ذلك، ولم يأمره بالقضاء، لتأويله، فما بال الحالف المتأول لا يعفى له عن الحنث بل يخرب بيته (٣)، ويفرق بينه وبين حبيبته (٤)، ويشتت شمله كل مشتت؟

وقد عفا عن المتكلم في صلاته عمدًا ولم يأمره بالإعادة لما كان جاهلًا بالتحريم ولم (٥) يتعمد مخالفة حكمه، فألغى كلامه، ولم يجعله مبطلًا للصلاة (٦)، فكيف لا يقتدي به ويلغي قول الجاهل وفعله في باب الأيمان ولا يحنثه كما لم يؤثمه الشارع؟

وإذا كان قد عفا عمن قدم شيئًا أو أخّره من [أعمال] (٧) المناسك من الحلق والرمي والنحر نسيانًا أو جهلًا (٨) فلم يؤاخذه بترك ترتيبها نسيانًا (٩)، فكيف يحنث


(١) في (ك): "ويخرب عليه نيته".
(٢) قال (د): "لما نزل قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} فهم عديُّ بن حاتم أن الكلام على ظاهره، وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- له: "إنك لعريض القفا".
قلت: والحديث رواه البخاري (١٩١٦) في (الصوم): باب قول اللَّه تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}، و (٤٥٠٩) في (التفسير): باب {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى. . .}، ومسلم (١٠٩٠) في (الصوم): باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، من حديث عدي بن حاتم.
(٣) في (ك): "نيته".
(٤) في (ك): "حبيبه".
(٥) في المطبوع و (ك): "لم".
(٦) يدل عليه قول معاوية بن الحكم السلمي: "بينا أنا أصلي مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك اللَّه، فرماني الغموم بأبصارهم" رواه مسلم (٥٣٧) وغيره.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) في (ق): "جاهلًا" وسقطت من (ك).
(٩) يشير إلى حديث ابن عباس في تقديم هذه الأعمال بعضها على بعض، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا حَرَجَ.
رواه البخاري في مواطن منها في (كتاب العلم) (٨٤): باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس -وانظر أطرافه هناك- ومسلم (١٣٠٧) في (الحج): باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الحلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>