للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قدَّم ما حلف على تأخيره أو أخَّر ما حلف على تقديمه ناسيًا أو جاهلًا؟

وإذا كان قد عفا عمَّن حَمَل القذر في الصلاة ناسيًا أو جاهلًا [به] (١)، فكيف يؤاخذ الحالف ويحنث به؟ وكيف تكون أوامر الرب تعالى ونواهيه دون ما التزمه الحالف بالطلاق والعتاق؟ وكيف يحنِّث [الشارع] (٢) من لم يتعمد الحنث؟ وهل هذا إلا بمنزلة تأثيمه من لم يتعمد الإثم، وتكفيره (٣) من لم يتعمد الكفر؟ وكيف يُطلِّق أو يُعتق على من لم يتعمد الطلاق والعتاق، ولم يطلق على الهازل إلا لتعمُّده فإنه تعمّد الهزل ولم يرد حكمه، وذلك ليس إليه، بل إلى الشارع، فليس الهازل معذورًا بخلاف (٤) الجاهل والمخطئ والناسي (٥).

وبالجملة فقواعد الشريعة وأصولها تقتضي ألا يحنث الحالف في جميع ما ذكرنا ولا يطرد على القياس ويَسْلم من التناقض إلا هذا القول.


(١) يشير في هذا إلى حديث أبي سعيد الخدري في خَلْعه -صلى اللَّه عليه وسلم- لنعله في صلاته ثم قوله: "إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا. . " الحديث رواه أحمد في "مسنده" (٣/ ٢٠ و ٩٢)، والطيالسي (٢١٥٤)، وأبو داود في "سننه" (٦٥٠) في (الصلاة): باب الصلاة في النعل، وأبو يعلى (١١٩٤)، وابن خزيمة (١٠١٧)، والحاكم (١/ ٢٦٠)، والبيهقي (٢/ ٤٠٢ و ٤٠٣ و ٤٣١) من طرق عن حماد بن سلمة، عن أبي نعامة السعدي، عن أبي نضرة عن أبي سعيد به.
قال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وفي المطبوع من "سنن أبي داود" وقع حماد بن زيد، وجعل زيد بين معقوفين، هو خطأ قطعًا، فحماد بن سلمة هو الذي يروي عن أبي نعامة السعدي، ثم الحديث رواه البيهقي (٢/ ٤٣١) من طريق أبي داود، ووقع اسم حماد مصرحًا به: ابن سلمة.
نعم رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي نعامة عن أبي نضرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا، كما أشار إلى ذلك أبو حاتم كما في "علل ابنه" (١/ ١٢١) لكن هذه لا تؤثر ولا تعل الحديث كما قال أبو حاتم.
وله شاهد من حديث ابن مسعود: رواه الطبراني في "الكبير" (٩٩٧٢)، والبزار (٦٠٦)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٥١١)، والحاكم (١/ ١٤٠)، وقال البزار: "لا نعلم رواه هكذا إلا أبو حمزة".
قال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٥٦): وأبو حمزة هو ميمون بن الأعور ضعيف.
وله طريق آخر عند ابن المنذر في "الأوسط" (٢/ ١٦٤ - ١٦٠ رقم ٧٣٣)، وانظر: "إتحاف المهرة" (١٠/ ٣٥٣ - ٣٥٤)، و"فتح الباري" (١/ ٣٤٨).
وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٣) في (ك): "وتكفير".
(٤) في (ك): "يخالف".
(٥) في (ق): "الناسي والمخطئ".

<<  <  ج: ص:  >  >>