للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان تقدم لها دخول [إلى] (١) الدار قبل اليمين فهل يحنث بالدخول الماضي أم لا؟ على وجهين أصحهما لا يحنث.

والمقصود أنه إذا عُلل الطلاق بعلَّة ثم تبين انتفاؤها؛ فمذهب أحمد أنه لا يقع بها (٢) الطلاق، وعند شيخنا لا يشترط ذكر التعليل بلفظه، ولا فرق عنده بين أن يطلقها لعلة مذكورة [في اللفظ] (٣) أو غير مذكورة، فإذا تبيَّن انتفاؤها لم يقع [به] الطلاق (٤)، وهذا هو الذي لا يليق بالمذهب غيره، ولا تقتضي قواعد الأئمة غيره، فإذا قيل له: امرأتك قد (٥) شربت مع فلان أو باتت (٦) عنده، فقال: اشهدوا عليَّ أنها طالق ثلاثًا ثم علم أنها كانت تلك الليلة في بيتها قائمة تصلّي فإن هذا الطلاق لا يقع به قطعًا وليس بين هذا وبين قوله: "إن كان الأمر كذلك فهي طالق [ثلاثًا] " فرق البتة، لا عند الحالف ولا في العرف ولا في الشرع، فإيقاع الطلاق بهذا وهمٌ محض، إذ يقطع بأنه لم يُرد طلاق من ليست كذلك، وإنما أراد طلاق من فعلت ذلك، وقد أفتى جماعة من الفقهاء من أصحاب الإمام أحمد والشافعي -منهم الغزالي والقفال وغيرهما- الرجل يمر على المكَّاس برقيق له فيطالبه بمكسهم (٧) فيقول: "هم أحرار" ليتخلَّص من ظلمه، ولا غرض له في عِتْقِهِم، أنهم لا يُعتقون، وبهذا أفتينا نحنُ تجارَ اليمن لما قدموا [منها] (٣)، ومَروا على المكاسين فقالوا لهم ذلك، وقد صرَّح (٨) أصحاب الشافعي في باب الكتابة (٩) بما إذا دفع إليه العوض فقال: "اذهب فأنت حر" بناء على أنه سلَّم له العوض فظهر العوض مستحقًا ورجع به على صاحبه أنه لا يعتق، وهذا هو الفقه بعينه، وصرَّحوا أن الرجل لو علَّق طلاق امرأته بشرط فظن أن الشرط قد وقع فقال: "اذهبي فأنت طالق"، وهو يظن أن الطلاق قد وقع بوجود الشرط فبان أن الشرط لم يوجد لم يقع الطلاق، ونص على ذلك شيخنا قدس اللَّه روحه (١٠)، ومن هذا


(١) ما بين المعقوفتين من (ك).
(٢) في (ق): "به".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) انظر: "الاختيارات الفقهية" (ص ٢٧٠)، وما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٥) سقط من (ك).
(٦) في (ك) و (ق): "وباتت".
(٧) المكاس، ويقال: العشار، الذي يأخذ المكس من البائع، والمكس: دراهم كانت تؤخذ من بائع السلع في الأسواق في الجاهلية، انظر: "لسان العرب" (٦/ ٢٢٠ - دار الفكر)، ونحوه في (و)، وفي (ق): "يطلبه".
(٨) في المطبوع: "وقد صرح به".
(٩) في (ك): "الكناية".
(١٠) انظر: "الاختيارات الفقهية" (ص ٢٧٠، ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>