للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِنْ هنا أخذ الشافعي الاحتجاج بهذه الآية على أن الإجماع حجة (١).

وقال الشعبي: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإِياك وآراء الرجال وإن زَخْرَفوا لك القول (٢)، وقال أيضًا: ما حدثوك به عن أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فخذه، وما حدثوك [به] (٣) عن رأيهم فانبذه في الحشِّ (٤).

قال الأوزاعي: اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم، وقل بما قالوا، وكفَّ عما كفوا، ولو كان هذا خيرًا ما خُصصتم به دون أسلافكم؛ فإنهم لم يدخر عنهم خير [خبِّئ لكم دونهم لفضل عندكم] (٥)، وهم أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ورضي عنهم الذين اختارهم [اللَّه] (٦) له وبعثه فيهم ووصفهم فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ [رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ] (٧)} الآية (٨).

الوجه السادس والأربعون: أنه لم يزل أهل العلم في كل عصر ومصر يحتجون بما هذا سبيله من فتاوى الصحابة وأقوالهم، ولا ينكره منكر منهم،


(١) انظر: "أحكام القرآن" للبيهقي (١/ ٣٩ - ٤٠، دار الكتب العلمية) فقد نقل استدلال الشافعي بالآية على حجية الإجماع وقوله فيها.
(٢) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (رقم ٢٠٧٧) والآجري في "الشريعة" (رقم ١٢٧) والهروي في "ذم الكلام" (رقم ١٢٠ و ٣٢٤) عن الأوزاعي وليس الشعبي، وإسناده حسن، انظر: "مختصر العلوم" (ص ١٣٨).
في (ك): "وان زخرفوها لك بالقول".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) رواه عبد الرزاق (١١/ ٢٥٦) والهروي في "ذم الكلام" (رقم ١٤١٩) وابن عبد البر في "الجامع" (رقم ١٤٣٨)، وإسناده صحيح، والحش: هو النخل المجتمع أو البستان، ويكنى به عن مواضع الغائط؛ لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين، انظر: "اللسان" (٦/ ٢٨٦ - مادة حش/ دار الفكر)، وفي (ط) نحوه مختصرًا.
(٥) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "حتى يكون لكم الفضل دونهم".
(٦) ما بين المعقوفتين من (ك).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٨) أخرجه الأصبهاني في "الحجة" (ق ٧/ ب - ٨/ أ) واللالكائي في "السنة" (١/ ١٥٤ - ١٥٥) والآجري في "الشريعة" (ص ٥٨) والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (ص ٧) والبيهقي في "المدخل" (رقم ٢٣٣) والهروي في "ذم الكلام" (رقم ٩٢٤) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٢/ ١٤٤)، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص ٨ - ٩) وإسناده صحيح وذكره الذهبي في "السير" (٧/ ١٢٠) والسيوطي في "الأمر بالاتباع" (ص ٤٩). وهذه الآثار التي ساقها عن أئمة السلف تدل معانيها على أنها مقتبسة من مشكاة النبوة، ومن أنوار الوحي، (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>