للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا: "قف حيث وقف القوم، وقل كما قالوا، واسكت عما (١) سكتوا، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر ناقد كَفُّوا، وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، [أي] (٢) فلئن كان الهدى ما أنتم عليه فلقد سبقتموهم إليه، ولئن قلتم: حَدَثَ بَعْدهم فما أحدثه إلا من سلك غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم، وإنهم لهُم السابقون، ولقد تكلموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصِّر، ولا فوقهم محسِّر (٣)، ولقد قصر عنهم قوم فجفوا، وطمح آخرون [عنهم] (٢) فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم" (٤).

وقال أيضًا كلامًا كان مالك بن أنس وغيره من الأئمة يستحسنونه ويحدثون به دائمًا، قال: "سنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وولاة (٥) الأمر بعده سننًا الأخذُ بها تصديق لكتاب اللَّه واستكمال لطاعته وقوة على دينه، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في رأي من خالفها، فمن اقتدى بما سنّوا فقد اهتدى (٦)، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولّاه اللَّه ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا" (٧).


= (٥/ ٣٣٨) وابن بطة في "الإبانة" (رقم ١٦٣)، واللالكائي في "السنة" (رقم ١٠٦) وأورده ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" (١/ ٧٠) والشاطبي في "الاعتصام" (١/ ٦٣ - بتحقيقي).
(١) في المطبوع: "كما" والمثبت من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك)، والعبارة في (ق): "وبالفضل عما كان فيه أحرى. . . ".
(٣) كذا في (ق): "محسر" بالحاء المهملة، وفي سائر النسخ بالجيم، وعند ابن وضاح: "محصر".
(٤) قطعة من الأثر السابق.
(٥) كذا في (ق) و (ك) وفي سائر الأصول: "لولاة"!
(٦) في (ق): "فمن اقتدى بها اهتدى".
(٧) أخرجه الآجري في "الشريعة" (ص ٤٨، ٦٥، ٣٠٦)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (٣/ ٣٨٦) ومن طريقه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (١/ ٩٤ رقم ١٣٤)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٧٣)، وابن بطة في "الإبانة" (١/ ٣٥٢ - ٣٥٣/ رقم ٢٣٠، ٢٣١)، وابن عبد البر في "الجامع" (٢/ ١١٧٦/ رقم ٢٣٢٦)، والهروي في "ذم الكلام" (ص ١٠٧، ١٩٩)، والمروزي في "السنة" (٣١)، وابن الجوزي في "سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز" (٨٤)، وهو صحيح.
هذا الكلام المذكور كان مالك يعجبه ويتحدث به كثيرًا هو وغيره من الأئمة كما ذكره الشاطبي في "الاعتصام" (١/ ١٤٤ - بتحقيقي) وشرحه شرحًا وافيًا وعلَّق عليه بكلامٍ متين، وفيه: "ومن كلامه -أي: عمر بن عبد العزيز- الذي عُني به ويحفظه العلماء، وكان يُعجب مالكًا جدًّا. . . " وساقه، وانظر "الموافقات" (٣/ ٣٠) و (٤/ ٤٦١ - بتحقيقي).

<<  <  ج: ص:  >  >>