للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك وهم، وإنما السجل الصحيفة المكتوبة، واللام مثلها في قوله تعالى: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: ١٠٣] وفي قول الشاعر (١):

فخرَّ صريعًا لليدين وللفم

أي نطوي (٢) السماء كما يُطوى السجل على ما فيه من الكتاب (٣)، وهذا كثير جدًا، فكيف يكون تفسير الصحابي حجة في حكم المرفوع؟

قيل: الكلام في تفسيره كالكلام في فتواه سواء [بسواء] (٤)، وصورة المسألة هنا كصورتها هناك سواء بسواء، وصورتها أن لا يكون في المسألة نص يخالفه (٥)،


= جدًا من حديث نافع عن ابن عمر لا يصح أصلًا، وكذلك ما تقدم عن ابن عباس، من رواية أبي داود وغيره لا يصح أيضًا، قد صرّح جماعة من الحفاظ بوضعه، وإن كان في "سنن أبي داود" منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي، وقد أفردت لهذا الحديث جُزءًا على حدته وللَّه الحمد".
وقال الإمام ابن جرير الطبري: "لا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل، وكتَّاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معروفون وليس فيهم أحد اسمه السجل".
ومما يدلل على نكرته ما قاله المصنف في "تهذيب السنن" (٤/ ١٩٦ - ١٩٧): "سمعت شيخنا أبا العباس بن تيمية يقول: هذا الحديث موضوع ولا يعرف لرسول اللَّه كاتب اسمه السجل قط، وليس في الصحابة من اسمه (السجل)، وكتاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معروفون، لم يكن فيهم من يقال له السجل" قال: "والآية مكية، ولم يكن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كاتب بمكة" قال: "والسجل هو الكتاب المكتوب". وانظر: "تفسير الرازي" (٢٢/ ٢٢٨) و"اللباب" لابن عادل (١٣/ ٦١٤) و"عون المعبود" (٨/ ١٥٤) و"المصباح المضيء في كتاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" (ص ٨٠ - ٨١).
أقول: قد لا يتهيأ الحكم على الحديث بالوضع، لكن فيه نكارة كما قال ابن كثير، أما أنه يصحح كما فعل الحافظ ابن حجر ففيه نَظَر؛ واللَّه أعلم.
(١) عزي البيت لأكثر من شاعر فهو في "شرح اختيارات المفصل" (٩٥٥) و"شواهد المغني" (٢/ ٥٦٢) لجابر بن حني، وفي "الأزهية" (٢٨٨) للأشعث الكندي، وفي "الأغاني" (١٦/ ٣٢) لربيعة بن مكدم، وفي "معجم الشعراء" (٢٧٠) لعصام بن المقشعر، وفي "أدب الكاتب" (٥١١)، و"الجنى الداني" (١٠١)، و"رصف المباني" (٢٢١)، و"شرح الأشموني" (٢/ ٢٩١)، و"مغني اللبيب" (١/ ٢١٢) بغير عزو.
وانظر: "المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية" (٧/ ٣٩٢).
(٢) في المطبوع و (ك): "يطوي".
(٣) بعدها في (ك): "والسنة"!!
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).
(٥) يبقى ثمة إشكال في ضابط التفريق بين التفسير أو الفتيا المخالفة للنصوص، وغير المخالف للنصوص، والذي يلوح لي ولست قادرًا على الجزم به أن وجود الاختلاف بين الصحابة في الفتيا أو التفسير هو علامة مخالفة النصوص، إذ يغلب على الظن أن من =

<<  <  ج: ص:  >  >>