للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فبعض ما ذكرتم من الأدلة يقتضي أن التابعي إذا قال قولًا ولم يخالفه صحابي ولا تابعي أن يكون قوله حجة (١).

فالجواب: أن التابعين انتشروا انتشارًا لا ينضبط لكثرتهم، وانتشرت المسائل في عصرهم، فلا يكاد يغلب على الظن عدمُ المخالف لما أفتى به الواحد منهم، فإن فرض ذلك فقد اختلف السلف في ذلك، فمنهم من يقول: يجب اتباع التابعي فيما أفتى به ولم يخالفه [فيه] (٢) صحابي ولا تابعي، وهذا قول بعض الحنابلة والشافعية (٣)، وقد صرح الشافعي في موضع بأنه قاله تقليدًا لعطاء، وهذا من كمال علمه وفقهه -رضي اللَّه عنه- (٤)، فإنه لم يجد في المسألة غير قول عطاء (٥)، فكان قوله عنده أقوى ما وجد في المسألة، وقال في موضع آخر: وهذا يخرَّج على معنى قول عطاء، والأكثرون يفرقون بين الصحابي والتابعي، ولا يخفى ما بينهما (٦) من الفروق، على أن في الاحتجاج بتفسير التابعي عن الإمام أحمد روايتين، ومن تأمَّل


= - وجه تعرفه العرب من لغاتها.
- وتفسير لا يعذر أحد بجهالته.
- وتفسير يعلمه العلماء.
- وتفسير لا يعلمه إلا اللَّه.
فالحجة في الأول معرفة كلام العرب والصحابة أعلم الناس بلغتهم وإليهم المرجع عند الاختلاف.
والثاني: يستوي الناس في العلم به، ولا يتصور فيه خلاف.
والثالث: يرجع فيه إلى الراسخين الذين شهدوا التنزيل، وعرفوا قرائن الحال، ومقاصد الشريعة والسنة التي تفصله وتفسره والصحابة في الذروة من هذه الطبقة، والناس تبع لهم فيها.
والرابع: لا حاجة لأحد فيه في الدنيا.
فتحرر يقينًا أن قول الصحابة في التفسير مقدم على كل قول في كل أنواع التفسير، وهذا وجه ثان (س).
(١) إذا لم يخالف قوله صحابي ووافق دلالة اللغة أو مصلحة مرسلة، أو استصحابًا، أو وصفًا حكم به صحابي فالظاهر وجوب الأخذ به، ووجوبه في غير ذلك يتعلق بالاطمئنان إليه (س).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) انظر: "المسودة في أصول الفقه" (١٧٦) و"البرهان في علوم القرآن" (٢/ ١٥٨) و"مجموع فتاوى ابن تيمية" (١٣/ ٣٧٠) و"الإرشاد" (١/ ٣٩٦) للخليلي و"الإتقان" (٢/ ٢٢٩) ومقدمة "تفسير ابن كثير" (١/ ١٥) و"الحجة البالغة" (١/ ١١٨).
(٤) في (ق): "رحمه اللَّه".
(٥) في (ق): "إلا قول عطاء".
(٦) في (ق): "فيهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>