للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يكن حلفه موجبًا لثبوته عند السائل والمنازع ليشعر السائل والمنازع له أنه على ثقة ويقين مما قال [له] (١)، وأنه غير شاك فيه (٢)، فقد تناظر رجلان في مسألة فحلف أحدهما على ما يعتقده فقال له منازعه: لا يثبت الحكم بحلفك فقال: إني لم أحلف [لأجل تثبيت] (٣) الحكم عندك، ولكن لأعلمك أني على يقين وبصيرة من قولي، وأنَّ شبهتك لا تغيِّر عندي في وجه يقيني بما أنا جازم به.

وقد أمر اللَّه نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يحلف على ثبوت الحق الذي جاء به في ثلاثة مواضع من كتابه أحدهما: قوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: ٥٣] والثاني: قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأتِيَنَّكُمْ [عَالِمِ الْغَيْبِ] (٤)} [سبأ: ٣].

والثالث: قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: ٧]، وقد أقسم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ما أخبر به من الحق في أكثر من ثمانين موضعًا وهي موجودة في "الصحاح" و"المسانيد" (٥)

وقد كان الصحابة -رضي اللَّه عنهم- يحلفون على الفتاوى والرواية، فقال علي -رضي اللَّه عنه- (٦) لابن عباس في مُتعة النساء: إنك امرؤ تائه، فانظر ما تفتي به في متعة النساء، فواللَّه وأشهد باللَّه لقد نهى عنها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه [وآله] وسلم (٧)، ولما وَلي عمر -رضي اللَّه عنه- حمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس إنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) انظر: "زاد المعاد" (٣/ ٢٠٧).
(٣) في المطبوع: "ليثبت"، وفي (ك): "لأثبت".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) انظر على سبيل المثال: "صحيح البخاري" (الأرقام ٦٩٠٣، ١٩٠٤، ٢٦١٥، ٦٦٣٦)، و"صحيح مسلم" (الأرقام ١٢٥٢، ١٦١٩، ٢١٩٤، ٢٣٠٠)، و"جامع الأصول" (١١/ ٦٤٩ - فما بعد)
(٦) في المطبوع: "فقال علي بن أبي طالب كرم اللَّه وجهه".
(٧) رواه مسلم في "صحيحه" (١٤٠٧) (٢٩) بعده دون رقم في (النكاح): باب نكاح المتعة مختصرًا دون ذكر ابن عباس وإنما فيه: يقول لفلان، ورواه مفصلًا بذكر ابن عباس الدارقطني (٣/ ٢٥٩) وفي "علله" (٤/ ١١٥)، والبيهقي (٧/ ٢٠١)، وأبو الفتح المقدسي في "تحريم نكاح المتعة" (رقم ٢٨) وابن بطة في "تحريم نكاح المتعة" -كما في "المسائل" التي حلف عليها أحمد، (رقم ٥١) -.
وروى مسلم أيضًا عن علي قال: مهلًا يا ابن عباس، فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنها يوم خيبر.
وأصل قول علي لابن عباس ثابت في "صحيح البخاري" دون قوله: إنك امرؤ تائه (رقم ٥١١٥) و (٥٥٢٣) و (٦٩٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>