للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاسدة الموافقة (١) نحلته وهواه، ومن فعل ذلك استحق المنع من الإفتاء والحجر عليه، وهذا الذي ذكرناه هو الذي صرَّح به أئمة الإسلام قديمًا وحديثًا.

قال أبو حاتم الرازي: حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي محمد بن إدريس الشافعي: "الأصل قرآن أو سنة، فإنْ لم يكن: فقياسٌ عليهما (٢)، وإذا اتَّصل الحديثُ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحَّ الإسناد [به] (٣) فهو المنتهى، والإجماع أكبر (٤) من الخبر المنفرد (٥)، والحديث على ظاهره، وإذا احتمل المعاني (٦): فما أشبَه منها ظاهره أولاها به، فإذا تكافأت الأحاديث فأصحَّها إسنادًا أولاها، وليس المنقطع بشيء، ما عدا منقطع [سعيد] (٧) بن المسيِّب، ولا يقاس أصل على أصل، ولا يقال لأصل: لم؟ وكيف؟ وإنما يُقال للفرع: لم؟ (٨) فإذا صَحَّ قياسُه على الأصل صح وقامت به الحجة". رواه الأصم عن أبي حاتم (٩).

وقال أبو المعالي الجويني في "الرسالة النظامية، في الأركان الإسلامية" (١٠): ذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الرب [تعالى] (١١)، والذي نرتضيه رأيًا وندين اللَّه به عقدًا (١٢) اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع وترك الابتداع والدليل السمعي القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة، وقد درج صحب الرسول (١٣) -صلى اللَّه عليه وسلم- ورضي عنهم على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها وهم صفوة


(١) في المطبوع: "لموافقة".
(٢) سأل أحمدُ الشافعيَّ عن القياس، فقال: "عند الضرورات"، كما في "صون المنطق" (٤٤) و"إيقاظ الهمم" (٩).
وانظر: "الرسالة" (٤٠) و"آداب الشافعي ومناقبه" (١٦٠).
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "منه".
(٤) في (ت) و (ك): "أكثر".
(٥) كذا عند أبي حاتم، وفي جميع الأصول: "الفرد".
(٦) كذا في (ت) والمطبوع، وفي (ق): "لمعان".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٨) في (ق): "وإنما يقال للفرع له".
(٩) رواه ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي ومناقبه" (٢٣١ - ٢٣٣) -ومن طريقه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (رقم ٥٧٣)، ومن طريقه ابن الجوزي في "تعظيم الفتيا" (رقم ١) - ورواه الهروي في "ذم الكلام" (رقم ١١١٠، ١١١١، ١١١٢، ١١١٣، ١١١٤) وفي المطبوع و (ك): "عن ابن أبي حاتم"!!
(١٠) (ص ٣٢ - ٣٣ ط السقا)، واسمها: "العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية".
(١١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(١٢) في "العقيدة النظامية": "عقلًا".
(١٣) في (ق): "رسول اللَّه".

<<  <  ج: ص:  >  >>