للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل العلم: كيف لا يَخشى الكذب على اللَّه ورسوله مَنْ يحمل كلامه على التأويلات المستنكرة والمجازات المستكرهة التي هي بالألغاز (١) والأحاجي أولى منها بالبيان والهداية؟ وهل يأمن على نفسه أن يكون ممن قال اللَّه فيهم (٢): {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: ١٨]، قال الحسن: "هي واللَّه لكل واصف كذبًا إلى يوم القيامة" (٣)، وهل يأمن أن يتناوله قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: ١٥٢] قال ابن عيينة: هي لكل مُفترٍ من هذه الأمة إلى يوم القيامة (٤)، وقد نزَّه سبحانه [وتعالى] (٥) نفسه عن كل ما يصفه به خلقه إلا المرسلين، فإنهم [إنما] (٦) يصفونه بما أذن لهم أن يصفوه به فقال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ١٨٠ - ١٨١]، وقال تعالى: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: ١٦٠ - ١٦١]، ويكفي المتأولين كلام اللَّه تعالى وكلام رسوله (٧) -صلى اللَّه عليه وسلم- بالتأويلات التي لم يردها، ولم يدل عليها كلام اللَّه [تعالى] (٨) أنهم قالوا برأيهم على اللَّه [تعالى] (٩)، وقدّموا آراءهم على نصوص الوحي وجعلوها (١٠) عيارًا على كلام اللَّه [تعالى] (٩) ورسوله، ولو علموا أي باب شر فتحوا على الأمة بالتأويلات الفاسدة وأي بناء للإسلام هدموا بها وأي معاقل وحصون استباحوها؛ لكان (١١) أحدهم أن يخرَّ من السماء [إلى الأرض] (٦) أحب إليه من أن يتعاطى شيئًا من ذلك، فكل صاحب باطل قد


= تعارض" (٧/ ١٨٥) والكلام في الأعراض والأجسام حدث بعد القرون المفضلة، فكيف يقال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث بإنكار ذلك؟ لعله من مواريث الفلاسفة اليونانيين، فتأمل.
(١) في (ق): "للألغاز".
(٢) في (ق): "ممن قال اللَّه تعالى فيه".
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ١٩٠ أو ١٣/ ٥٠٦ ط الهندية) والبيهقي في "البعث والنشور" (رقم ١٦٥ - استدراكات) و"الشعب" (٤/ ٢٣٤، ٢٦٣ رقم ٤٩٠٧، ٥٠٢٢)، وابن أبي حاتم (٨/ ٢٤٤٨)، والهروي في "ذم الكلام" (رقم ٧٥٠ - ط الشبل) وعبد بن حميد وابن المنذر، كما في "الدر المنثور" (٥/ ٦٢٠).
(٤) وهذا لفظ أبي الشيخ، كما في "الدر المنثور" (٣/ ٥٦٥ - ٥٦٦)، وفي (ق): "هي" وبدلها في سائر النسح: "هل".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ت) و (ك).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٧) في المطبوع و (ت) و (ك): "كلام اللَّه ورسوله".
(٨) ما بين المعقوفتين من (ق)، والعبارة في (ك): "ولم يدل عليها كلامهم".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(١٠) في (ك): "وجعلوا آراءهم".
(١١) قال (د): "في نسخة: "وكان. . . إلخ"، وهو المثبت في (ق) و (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>