وهذا الاحتمال وارد وحينئذ يزول الخلاف، فمرة قال عبد اللَّه بن شقيق: عن رجل، ومرة عن ميسرة ومرة عن ابن أبي الجدعاء، وعلى كل حال فهو اختلاف في تسمية الصحابي، وهذا لا يضر إن شاء اللَّه. ولفظ: متى وجبت لك النبوة: رواه الترمذي (٣٦١٨) في (المناقب): باب في فضل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وابن حبان في "الثقات" (١/ ٤٧) والحاكم (٢/ ٦٠٩) وأبو نعيم في "الدلائل" (٨/ ١) و"أخبار أصبهان"، (٢/ ٢٢٦) والخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/ ٨٣) والبيهقي في "الدلائل" (٢/ ١٣٠) واللالكائي في "السنة" (١٤٠٣) والآجري في "الشريعة" (رقم ٩٤٦، ٩٤٧)، من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير (في المطبوع: يحيى بن كثير) عن أبي سلمة عن أبي هريرة به. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه". أقول: وفيه عنعنة الوليد، وانظر شواهده، في "مجمع الزوائد" (٨/ ٢٢٣). "وكذلك كل إنسان قدر له قدره، وآدم كذلك" (و). قلت: معنى هذا الحديث، هو أن اللَّه تعالى قدّر نبوّة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل خلق آدم بشرًا سويّا، وهو بيان تقدم قضاء اللَّه بذلك وليس فيه أدنى إشارة إلى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مخلوق قبل خلق آدم عليه السلام، قال الغزالي في النفخ والتسوية في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كنت أول النبيين خلقًا. . " إن المراد بالخلق التقدير دون الإيجاد، فإنه قبل أن ولدته أمه لم يكن موجودًا ولكن الغايات والكمالات سابقة في التقدير لاحقة في الوجود. . انظر "سبل الهدى والرشاد" للصالحي (١/ ٩١). وقال شيخ الإِسلام: "ومن قال: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نبيًا قبل أن يوحى إليه فهو كافر باتفاق المسلمين. وإنما المعنى: إن اللَّه كتب نبوته فأظهرها وأعلنها بعد خلق جسد آدم وقبل نفخ الروح فيه". انظر "مجموع الفتاوى" (٢/ ١٨٢ - ١٨٣) وقارن (١٨/ ٣٦٩) وبتوسع (٢/ ٢٣٧) و"الرد على البكري" (ص ٨). ومما يدل على أن هذا أشهر الروايات وأصحها جاءت بلفظ "كتبت" بدل "كنت" أما الأحاديث التي تدل على قدم خلق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فكلها باطلة لا تصح عقلًا ولا نقلًا، وإنما وضعها الخرافيون تأييدًا لعقائدهم الباطلة. (١) في "مجموع الفتاوى" (٢/ ١٤٧، ٢٣٨ و ٨/ ٢٨٢ و ١٨/ ١٢٥، ٣٦٩) و"أحاديث القصاص" (رقم ٢٩) و"مجموعة الرسائل والمسائل" (٤/ ٧١، ٧٢) و"الرد على البكري" (٨، ٩) ونقل جمع كلام ابن تيمية على هذا الحديث، وقبلوه، منهم: السيوطي في =