وحكم غير واحد من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أن هذا الحديث باطل، وهذه شذرات قليلة من كلامهم. قال عبد اللَّه بن أحمد في "العلل" (٣/ ١٦): "وهذا الحديث يروونه عن إسرائيل عن عمرو. . . وعمرو بن خالد لا يسوى حديثه شيئًا". وقال أبو حاتم -كما في "العلل": (١/ ٤٦) لابنه-: "هذا حديث باطل، لا أصل له، وعمرو بن خالد متروك الحديث". وقال ابن حزم في "المحلى": (٢/ ٧٥): "هذا خبر لا تحل روايته إلَّا على بيان سقوطه؛ لأنَّه انفرد به أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، وهو مذكور بالكذب". وأَوردهُ البيهقي في "الصغرى" (رقم ١٨٩) من غير إسناد، وقال: "لم يثبت إسناده". وضعَّف إسناده ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير": (١/ ٦٧) رقم (٢٠٠)، ومحمَّد بن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق": (١/ ٥٤٠ - ٥٤١)، وابن حجر في "التلخيص الحبير": (١/ ١٤٦)، ونقل النوويُّ اتفاقَ الحفاظ على ضعفه! وقال أحمد في "العلل": (٣/ ١٥ - ١٦) (رقم ٣٩٤٤): "سمعت رجلًا يقول ليحيى: تحفظ عن عبد الرزَّاق عن معمر عن أَبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه مسح على الجبائر؟ فقال: باطل، ما حدَّث به معمر قط، سمعت يحيى يقول: عليه بدنة مقلَّدة مجلَّلة إنْ كان معمر حدَّث بهذا قطّ، هذا باطلٌ، ولو حدَّث بهذا عبد الرزَّاق كان حلال الدم، من حدَّث بهذا عن عبد الرزَّاق؟ قالوا له: فلان، فقال: لا، واللَّه ما حدَّث به معمر، وعليه حجةٌ من هاهنا -يعني المسجد- إلى مكَّة إن كان معمر حدث بهذا". والحديث في "مسند زيد": (٧٤ - ٧٥) أو "المجموع الفقهي" وطبع في ميلانو بإيطاليا سنة ١٩١٩ م، وفي مصر سنة ١٣٤٠ هـ، ومما يؤسف له أنْ يقرِّظه بعضُ أفاضلِ العلماء من شيوخ علماء الأزهر، غير متحرين معرفة ما فيه من الكذب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا ناظرين إلى عاقبة وثوق العامة -ممن لا يعرف الصحيح من السقيم- بوجود توقيعاتهم على مدائح لهذه الأكاذيب، وللَّه الأمر من قبل ومن بعد، قاله الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المحلى": (٢/ ٧٥). والأحاديث التي فيه هي من رواية عمرو بن خالد الواسطي، الكذَّاب، فتنبه لذاك، تولى اللَّه هداك. وانظر: "نصب الراية" (١/ ١٨٦ - ١٨٧)، و"التلخيص الحبير" (١/ ١٤٦)، و"تهذيب السنن" (١/ ٢٠٨ - ٢٠٩). وما بين المعقوفتين سقط من (ك).