للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يخالفه أحد من الصحابة، فإن اختلفوا وقف موقف المختار، ثم فتاوى التابعين ثم فتاوى تابعيهم وهكذا- والقياس، والاستصحاب، والمصلحة، وسد الذرائع، والعرف.

طريقته في البحث:

كان يعتمد أولًا على النصوص، يستنبط منها الأحكام، ويكثر من الأدلة على المسألة الواحدة، ويعرض آراء السابقين، ويختار منها ما يؤيده الدليل، وقد يبين وجهة كل فقيه فيما ذهب إليه، ويعرض أدلة المخالفين ويفندها، ويستعين بالأحاديث على بيان معنى الآية، وهو في كل هذا لا يتعصب لمذهب معين، بل يجتهد، ويدعو إلى الاجتهاد، ويعمل فكره، ولا يدخر في ذلك وسعًا؛ وينشد الحق أينما كان.

أغراضه:

كان ابن القيم يرجو من وراء ذلك كله أن يقضي على اختلاف المسلمين الذي قادهم إلى الضعف والتفكك، وأن يجمعهم على الاقتداء بالسلف في أمر العقائد، لأنه رأى أن مذهب السلف أسلم مذهب؛ وكان يرجو أن يقود المسلمين إلى التحرر الفكري، ونبذ التقليد؛ وإبطال حيل المتلاعبين بالدين، وأن يكون الفهم المشرق الكامل لروح الشريعة الإسلامية السمحة، هو النبراس وهو الموجه الحقيقي في كل المواقف.

وبعد: فتلك لمحة خاطفة عن هذا العالم الجليل؛ والمصلح الكبير، نقدمها في إجمال نجد تفاصيله مع تفاصيل الجوانب الأخرى لابن القيم في هذا الكتاب.

نسأل اللَّه أن ينفع به؛ وأن يجزي مؤلفه خير الجزاء، وأن يعز دينه، ويرشد عباده بأمثال ابن القيم من العلماء الأجلاء، والفقهاء الذين أراد اللَّه بهم خيرًا، وأرادوا لأمتهم النفع والإرشاد، وما توفيقنا إلا باللَّه، عليه توكلنا وإليه أنبنا، وإليه المصير" (١) انتهى.

وبعد ذلك مقدمة المحقق، وهذا نصُّها بتمامها (٢):

"الحمد للَّه رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة


(١) صفحة (ز- ل) من المقدمة.
(٢) نثبتها هنا -كما سبق- ليستغني الناظر في نشرتنا عن النشرات السابقة، وانظر -لزامًا-: (عملنا في هذه النشرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>