للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئل -صلى اللَّه عليه وسلم- من أكرم الناس؟ فقال: "أتقاهم للَّه": قالوا: لسنا عن هذا نسألك، قال: "فعن معادن العرب تسألوني، خيارُكم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" (١).

وسألته -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأة فقالت: "إني نذرت إن ردَّك اللَّه سالمًا أن أضربِ على رأسك بالدفِّ، فقال: "إن [كنتِ] نذرتِ فافعلي، وإلا، فلا". قالتْ إني كنت نذرت، فقعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فضربت بالدف (٢)، حديث صحيح، وله وجهان:

أحدها: أن يكون أباح لها الوفاء بالنذر المباح تطييبًا لقلبها، وجبرًا وتأليفًا لها على زيادة الإيمان وقوته وفرحها بسلامة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

والثاني: أن يكون هذا النذر قربة لما تضمنه من السرور والفرح بقدوم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سالمًا مؤيدًا منصورًا على أعدائه قد أظهره اللَّه وأظهر دينه، وهذا من أفضل القرب فأُمِرت بالوفاء [به] (٣).

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل فقال: يا رسول اللَّه، الرجل يريد الجهاد في سبيل اللَّه، وهو يبتغي من عرض الدنيا؟ فقال: "لا أَجَرَ له، فأعظم ذلك الناس فقالوا للرجل: أَعِد لرسول اللَّه فلعلك لم تفهمه. فقال الرجل: يا رسول اللَّه، رجلٌ يريد الجهاد في سبيل اللَّه، وهو يبتغي من عرض الدنيا؟ فقال: "لا أجر له" فأعظم ذلك الناس، فقالوا: أعد لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأعاد، فقال: "لا أجر له" (٤).


(١) رواه البخاري في مواطن منها: (٣٣٥٢) في (الأنبياء): باب قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}، و (٣٣٧٤) في (أحاديث الأنبياء): باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} من حديث أبي هريرة.
(٢) تقدم، وما بين المعقوفتين من المطبوع وحده.
(٣) ما بين المعقوفتين من المطبوع وحده.
(٤) رواه أحمد (٢/ ٢٩٠ و ٣٦٦)، وأبو داود (٢٥١٦) في (الجهاد): باب في من يغزو ويلتمس الدنيا، وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" (٨/ ٤٤٧)، وابن حبان (٤٦٣٧)، والحاكم (٢/ ٨٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (١٠/ ١٧١)، والبيهقي (٩/ ١٦٩) من طرق عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن بكير بن عبد اللَّه بن الأشج، عن "مكرز، وقيل: ابن مكرز، وقيل يزيد بن مكرز، وقيل: أيوب بن مكرز" من بني عامر بن لؤي بن غالب عن أبي هريرة به.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه!
أقول: الراوي عن أبي هريرة صوابه ابن مكرز، وقيل: هو أيوب بن عبد اللَّه بن مكرز، وقيل: يزيد بن مكرز، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في أيوب بن عبد اللَّه بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>