وأسباط بن نصر لا بأس به. لكن رواه أبو داود (٤٣٧٩) في (الحدود): باب في صاحب الحد يجيء فيقر، والترمذي (١٤٥٨) في (الحدود): باب ما جاء في المرأة إذا استكرهت على الزنا، من طريق الفريابي عن إسرائيل به، وعندهما أنه أمر برجم الرجل الذي وقع على المرأة ثم قال: "لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم"، والفريابي ثقة متقن مشهور. قال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح. وهذا اختلاف واضح وأنا أخشى أن يكون هذا من تخاليط سماك بن حرب، فهو وان أخرج له مسلم إلا أنه كان يغلط، وقد تكلم فيه غير واحد، ليس في روايته عن عكرمة فقط، نعم روايته عن عكرمة خاصة فيها اضطراب لكن الرجل كان له أخطاء. قال النسائي: كان ربما لقن، فإذا انفرد باصل لم يكن حجة؛ لأنه كان يلقن فيتلقن. أما شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- فقد رجح رواية ابن الزبير عن إسرائيل التي رواها أحمد على رواية الفريابي عن إسرائيل، وذلك لأن أسباط بن نصر وافقه ابن الزبير، فانظر "السلسلة الصحيحة" (٩٠٠). أقول: بل رواية الفريابي أرجح فلو رجعنا إلى ترجمته وترجمة ابن الزبير في "التهذيب" لوجدنا أن الفريابي لم يتكلم فيه بأَدنى كلمة، أما ابن الزبير فعلى ثقته، فقد قال فيه أبو حاتم: عابد مجتهد حافظ اللحديث له أوهام. وأسباط بن نصر قد تكلم فيه غير واحد فالفريابي ترجح روايته واللَّه أعلم. ولما روى البيهقي الحديث بإسقاط الحد استشكل ذلك -وكأنه -رحمه اللَّه- لم تقع له رواية الفريابي مع أنها عند أبي داود، وهو كثير الرواية من طريقه، وقال: وقد وجد مثل اعترافه من ماعز والجهنية والغامدية، ولم يسقط حدودهم وأحاديثهم أكثر وأشهر، واللَّه أعلم. (١) ما بين المعقوفتين من (ك) فقط. (٢) كذا في (ك) وفي سائر النسخ: "كيف أمر برجم". (٣) انظر: "الطرق الحكمية" (ص ١ - ٦٣)، و"بدائع الفوائد" (٣/ ١١٧، ١٥٢)، و"الحدود والتعزيرات" (ص ٧٠ - ٧١) للشيخ الدكتور بكر أبو زيد.