للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسئل -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الشُّهداء، فقال: "من قُتل في سبيل اللَّه فهو شهيد، ومن مات


= والواحدي في "أسباب النزول" (ص ١٤٣) والحاكم (٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦) من طرق عن سفيان عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قالت أم سلمة فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث مرسل، ورواه بعضهم عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مرسلًا أن أم سلمة قالت: كذا وكذا.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين إذا كان سمع مجاهد من أم سلمة، ووافقه الذهبي.
أقول: لم أر من تعرض لذكر سماع مجاهد من أم سلمة، وهو قد مات سنة (١٠٢) أو (١٠٣)، وكان مولده سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر، وأم سلمة توفيت سنة (٦١) فهو قد أدركها إدراكًا بينًا، لكن إدراكه إياها ليس بالضرورة أنه سمع منها، فهو قد أدرك جماعة من الصحابة، ولم يسمع منهم كما في "جامع التحصيل"، وحكم الترمذي على الحديث بالإرسال، وتشكيك الحاكم في سماعه من أم سلمة يجعل في النفس ريبة، ولكنها تزول إذا علمنا أن مجاهدًا ليس بمدلس قال ابن حجر في "التهذيب" (١٠/ ٤٤): "ولم أر من نسبه إلى التدليس" وقال في "الفتح" (٦/ ١٩٤) عنه: "وليس بمدلس".
ثم وجدت عبارة الترمذي في "تحفة الأشراف" (١٣/ ٣١) تختلف تمامًا عما هي في السنن حيث قال: غريب، وقد روى بعضهم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن أم سلمة قالت:. . .، فاللَّه أعلم.
ثم وجدت عبارة الترمذي في "تفسير ابن كثير" (١/ ٤٩٩) كما هي في "تحفة الأشراف"، ونقلها ابن حجر في "العجاب" (٢/ ٨٦٢) عنه هكذا: ". . . وقد رواه بعضهم عن الثوري. . . " مثله.
ويؤكد ذلك أن جماهير الرواة عن سفيان (وهو ابن عيينة) -مثل أحمد وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد (عند الواحدي) وداود بن عمرو الضبي (عند أبي يعلى) قالوا عن مجاهد قال: قالت أم سلمة، عدا محمد بن أبي عمر فقال عن سفيان (عن مجاهد عن أم سلمة أنها قالت، وكذا جماهير الرواة عن سفيان الثوري، كما عند ابن جرير (٧/ ٤٨٦ رقم ٨٣٦٧ و ٨/ ٢٦١ رقم ٩٢٣٦، ٩٢٣٧) وابن أبي حاتم (٣/ رقم ٥٢٢٤، ٥٢٢٥) كلاهما في "التفسير"، والحاكم (٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦، ٤١٦)، وانظر تعليق العلامة أحمد شاكر على "تفسير ابن جرير" (٨/ ٢٦٢ - ٢٦٣)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٥٠٧) إلى عبد بن حميد وابن المنذر أيضًا.
وقد وجدت شاهدًا لبعضه وهو: "وإنما لنا نصف الميراث"، ونزول الآية من حديث ابن عباس، أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٣/ رقم ٥٢٢٣) من طريق أحمد بن عبد الرحمن: حدثني أبي: حدثنا أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير عنه قال: أتت امرأة إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يا رسول اللَّه للذكر مثل حظ الأنثيين، وشهادة امرأتين برجل. . . فأنزل اللَّه: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٣٢)}، وإسناده جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>