وذكره الحافظ في "التقريب" وقال: صحابي صغير، وجل روايته عن الصحابة، وعمرو بن أبي عمرو، لا أدري هل له رواية عن محمود بن لبيد، ففي ترجمته أنه روى عن أنس بن مالك من الصحابة، وأنس مات قبل محمود، فيكون عمرو قد أدرك محمودًا، لكن هل له سماع؟ أقول هذا لأن أحمد روى الحديث (٥/ ٤٢٨) من طريق إبراهيم بن أبي العباس، و (٥/ ٤٢٩) من طريق إسحاق بن عيسى، والبيهقي في "الشعب" (٥/ رقم ٦٨٣١) من طريق ابن أبي مريم ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد به، فزاد ابنُ أبي الزناد عاصم بن عمر، بين عمرو ومحمود، وعاصم هذا معروف بالرواية عن محمود بن لبيد، وابن أبي الزناد قد قدمت لك مرارًا أن رواية أهل المدينة عنه جيدة، ورواية غيرهم عنه فيها تخليط. والرواة عنه هنا ليسوا من أهل المدينة! فحديثه فيه نظر؛ إلا أنه قد توبع فقد أخرجه أبو محمد الضراب في "ذم الرياء" (رقم ٣١) من طريق يعقوب -وهو ابن عبد الرحمن القارئ- و (رقم ١٢) من طريق إسماعيل بن جعفر كلاهما عن عمرو عن عاصم به. والعجيب أن شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- ذكر الحديث في "السلسلة الصحيحة" (رقم ٩٥١)، وذكر إسناده هكذا: عن عمرو بن أبي عمرو، وعن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد! فجعل الشيخ عمرًا وعاصمًا كلاهما متابعًا للآخر، وليس الأمر كذلك، والذي أوقعه في ذلك أن ظاهر كتابتها في "المسند" كذلك، لكن بالرجوع إلى تراجم الرواة يتبين لك صحة ما قلت، وانظر لزامًا: "إتحاف المهرة" (١٣/ ١٥٢) و"أطراف المسند" (٥/ ٢٦٦). والحديث رواه عبد اللَّه بن شبيب عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثني عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج. أخرجه الطبراني (٤٣٠١) فجعله من مسند رافع. قال المنذري في "الترغيب والترهيب": إسناده جيّد. وقال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٢٢٢): رجاله رجال الصحيح غير عبد اللَّه بن شبيب بن خالد وهو ثقة. أما شيخنا الألباني فقال في "السلسلة الصحيحة" (٢/ ٦٧٢): وعبد اللَّه بن شبيب واهٍ. أقول: والحق ما قاله الشيخ الألباني -رحمه اللَّه- فإن عبد اللَّه بن شبيب بن خالد الذي ذكر الهيثمي ليس هو الذي في هذا السند، فإن ابن خالد ذاك ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" وقال: رفيق أبي بمدينة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. =