للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) [إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ] (١) وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: ١٨، ١٩] فقسَّم الأمر بين الشريعة التي جَعَله [هو] (٢) سبحانه عليها وأوحى إليه العملَ (٣) بها، وأمَرَ الأمة بها، وبين اتِّباع أهواء الذين لا يعلمون؛ فأمر بالأول، ونهى عن الثاني.

وقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: ٣]، فأمر باتِّباع المنزِّل منه خاصة، وأعْلَمَ أن من اتَّبع غيره فقد اتبع من دونه أولياء.

قال (٤) تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩]، فأمر تعالى (٥) بطاعته وطاعة رسوله، وأعاد الفعل إعلامًا بأن طاعة الرسول تجب استقلالًا من غير عَرْضِ ما أمر به [على الكتاب، بل إذا أمر وجَبَتْ طاعتُه مطلقًا، سواء (٦) كان ما أمر به] (٧) في الكتاب أو لم يكن [فيه] (٨)، فإنه أوتي الكتاب ومثلَه معه، ولم يأمر بطاعة أولي الأمر استقلالًا، بل حذف الفعلَ، وجعل طاعَتَهم في ضمن طاعة الرسول؛ إيذانًا بأنهم إنما يُطَاعون تَبَعًا لطاعة الرسول، فَمَنْ أمَرَ منهم بطاعة الرسول وجبت طاعته، ومَنْ أمَر (٩) بخلاف ما جاء به الرسولُ فلا سَمْع [له] ولا طاعة كما صح عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا طاعَةَ لمخلوق في معصية الخالق" (١٠) وقال: "إنما الطَّاعة في


(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلى قوله".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ق): "بالعمل".
(٤) في (ق): "وقال".
(٥) في (ق): "اللَّه".
(٦) في نسخة (د): "سواه"!.
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) وفي الهامش: "لعله ما أمر به الكتاب وسواء كان" وبدل ما بين الهلالين في (ق): "و".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٩) زاد في (ك) و (ق) هنا: "منهم".
(١٠) ورد بهذا اللفظ من حديث عمران بن حصين، أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (٨٧٣)، وعلقه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٣/ ١٤٥) من طريق محمد بن جعفر الوركاني حدثنا يحيى الأبح عن محمد ابن سيرين عنه.
وإسناده جيد لكن في سماع محمد ابن سيرين من عمران نظر، وفي بعض طرق الحديث سماعه منه، وهذا بحاجة إلى بحث.
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٨/ ٣٨١) من طريق يحيى بن سليم، عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>