للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى في شهادة المال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] وقال في الوصية والرَّجْعَة: {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] لأن المستشهد [هناك صاحب الحق فهو يأتي بمن يرضاه لحفظ حقه، فإن لم يكن عدلًا كان هو المضيَّع لحقه، وهذا المستشهد يستشهد] (١) بحق ثابت عنده، فلا يكفي رضاه به، بل لا بُدَّ أن يكون عَدْلًا في نفسه، وأيضًا فإن اللَّه سبحانه [وتعالى] (١) قال هناك: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] لأن صاحب الحق هو الذي يحفظ [حقه فيحفظه] (٢) بمن يرضاه، وإذا قال مَنْ عليه الحق: أنا راض (٣) بشهادة هذا عليَّ، ففي قَبُوله نزاع، والآية تدل على أنه يقبل، بخلاف الرجعة والطلاق فإن فيهما حقًا للَّه، وكذلك الوصية فيها حقٌّ لغائب.

ومما يوضح ذلك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في المرأة: " [أليست] (١) شهادتها نصف شهادة الرجل؟ " (٤) فأطلق ولم يقيد، ويوضحه أيضًا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال للمُدَّعي لمَّا قال: هذا غَصَبني أرضي، فقال: "شَاهِداكَ أو يَمينه" (٥)، وقد عَرَف أنه لو أتى برجل وامرأتين حكم له، فعلم أن هذا يقوم مقام الشاهدين، وأن قوله: "شاهداك


= (رقم ٥٨٠٨/ ١) (اللقطة): باب الإشهاد على كتاب اللقطة. وابن الجارود (رقم ٦٧١) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٣٦)، و"شرح مشكل الآثار" (رقم ٤٩١٦)، كلهم من طريق يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير، عن أخيه مُطَرِّف، عن عياض بن حمار، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من وجد لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل، ثم لا يغيّره ولا يكتم، فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فهو مال اللَّه يؤتيه من يشاء"، وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات من رجال الصحيح.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "ماله".
(٣) في (ن): "أنا أرض" وفي (ق): "أنا أرضى".
(٤) هو جزء من حديث رواه مطولًا: البخاري في (الحيض): باب ترك الحائض الصوم رقم (٣٠٤)، وفي (الشهادات): باب شهادة النساء (٢٦٥٨)، ومسلم في (الإيمان) باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (٨٠)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٧٤٤)، والبيهقي في "سننه الكبرى" (١/ ٣٠٨ و ٤/ ٢٣٥ - ٢٣٦) من حديث أبي سعيد الخدري. ووقع في (ن): "أليست شهادتها نصف الرجل".
(٥) رواه البخاري (٢٣٥٧) في (المساقاة): باب الخصومة في البئر، و (٢٥١٦) باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، و (٢٦٧٠) في (الشهادات): باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود، و (٤٥٥٠) في (التفسير): باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا. . .}، ومسلم (١٣٨) (٢٢١) في (الأيمان): باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، من حديث الأشعث بن قيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>