للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمرو بن قيس: هو سعيد بن المسيب، فقلت لسفيان: فهل (١) شَككَتَ فيما قال لك؟ قال: لا هو سعيد غير شك (٢).

قال الشافعي: وكثيرًا ما سمعته يحدث فيُسَمِّي سعيدًا، وكثيرًا ما سمعته يقول: عن سعيد إن شاء اللَّه، وأخبرني [به] (٣) من أثق به من أهل المدينة عن ابن شهاب، عن ابن (٤) المسيب أن عمر لما جَلَد الثلاثة استتابهم، فرجع اثنان فقبل شهادتهما (٥)، وأبى أبو بكرة أن يرجع فرد شهادته (٦)، ورواه سُليمان بن كَثير، عن الزُّهريِّ، عن ابنِ المسيب أن عمر قال لأبي بكرة وشِبْل ونافع: مَنْ تاب منكم قُبِلَت شَهادته (٧)، وقال عبد الرزاق: ثنا محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن مَيْسَرة، عن ابن المسيب أن عمر قال للذين شهدوا على المغيرة: توبوا تُقبل شهادتكم، فتاب منهم اثنان وأبى أبو بكرة أن يتوب، فكان عمر لا يقبل شهادته (٨).

قالوا: والاستثناء عائد على جميع [ما تقدمه سوى الحد] (٩)، فإن المسلمين مجمعون على أنه لا يَسْقُط عن القاذف بالتوبة، وقد قال أئمة اللغة: إن الاستثناء يرجع إلى ما تقدم كله (١٠). قال أبو عُبيد في "كتاب القضاء": وجماعة أهل


(١) في (ق): "هل".
(٢) أخرجه الشافعي في "المسند" (٢/ ٣٩٣ رقم ٦٤٤، ٦٤٥ - مع "شفاء العي")، والبيهقي في "السنن" (١/ ١٥٢)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٥٣)، وإسناده صحيح.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٤) في (ق): "عن سعيد بن المسيب".
(٥) في (ق): "شهادتهم".
(٦) أخرجه الشافعي في "المسند" (٢/ ٣٩٣ - ٣٩٤ رقم ٦٤٦)، وفي سنده مبهم، والقصة لها طرق عديدة، انظر: "الإرواء" (٨/ ٢٨ - ٣٠ رقم ٢٣٦١).
(٧) علقه ابن حزم في "المحلى" (٩/ ٤٣١) من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا محمد بن كثير نا سليمان بن كثير به، وانظر الهامش الآتي.
(٨) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (برقم: ١٥٥٥٠ و ١٣٥٦٥) ثنا محمد بن مسلم به.
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (رقم ٢٧٦) -ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" (٩/ ٤٣١) - ثنا ابن أبي مريم عن محمد بن مسلم به. وإسناده صحيح وانظر "السنن الكبرى" للبيهقي (١٠/ ١٥٢).
(٩) في (ن): "ما تقدم إلا الحد"، وفي (ق) و (ك): "ما تقدم سوى الحد".
(١٠) الجمل المتعاقبة بالواو إذا تعقبها استثناء، هل يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط، أم إلى كل الجمل؟
ذهب إلى الأول: أبو حنيفة، وجمهور أصحابه بشرط أن لا يقوم دليل يفيد التعميم، وذهب إلى الثاني: أصحاب الشافعي، قالوا: "ما لم يخصه دليل" عكس الأحناف، وذهب جماعة إلى الوقف، وجماعة أخرى إلى التفصيل فيها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>