للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيل، وكرّ عليها بمناقشة المبطلين لها، وأجوبتهم عنها.

والمصنف في عرضه ورده، يختار أقوى الأدلة، ويعرضها بأبلغ عبارة وأنصعها وأقواها، ويوجه الأدلة على المنع ثم على الجواز، ثم على المنع بما يدهش ويحيّر اللبيب، سبحان اللَّه الواهب الفتاح، المعطي، الكريم، الجواد، الواسع.

وهذا يدل على تفنُّن مصنِّفنا، وأنه شبعان ريان من استحضار النصوص، وفهمها، وتوجيهها، وعلى ذكرٍ بأشباهها ونظائرها، وعلى قدرة فائقة في رد انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فرحمه اللَّه رحمة واسعة، ورضي عنه. وتعرض رحمه اللَّه في أثناء هذه الردود إلى عقد مقارنة بين شريعتنا وشريعة من قبلنا (١)، وأوجه الوفاق والفراق بينهما في بعض الأمور، ولم ينس بعض المباحث (العقدية) كالكلام على (كيد اللَّه) (٢) وأنواعه، ولا على بعض المباحث (الأصولية)، كالكلام على (دلالة المطلق والفرق بينه وبين العام) (٣)، وقوى توجيهاته بذكر (الحِكَم) في بعض ما احتج به القائلون بالحيل، فضيق عليهم، بإلزامات مقنعة، وتفريعات عديدة عجيبة، ونظائر ونقولات شهيرة، وتفريقات كثيرة، كتفرقته بين (الحيل) و (المعاريض) (٤) و (الذريعة) (٥)، وفرع عليه الكلام على (فقه المعاريض)، والضابط في أحكامها، وأنواعها، وكتفرقته بين (العقود) و (الحيل)، وقال تحت هذا في (٤/ ١٨٦): "فهذا موضع الكلام في الحيل، وانقسامها إلى الأحكام الخمسة" (٦).

وهنا أخذ في التأصيل، فبيّن معنى (الحيلة)، واشتقاقها، وأقسامها، وأمثلة كل قسم، وأورد تحت هذه الأمثلة: (مسائل يفضي ثبوتها إلى إبطالها) (٧) و (مسائل يؤدي ثبوتها إلى نفيها) (٨) وطول الكلام على (المسألة السريجية) و (الطلاق الثلاث جملة)، وقرر أن "المتأخرين أحدثوا حيلًا لم يصح القول بها عن أحد من الأئمة، ونسبوها إلى الأئمة، وهم مخطئون في نسبتها إليهم، ولهم مع الأئمة موقف بين


(١) وانظر في ذلك أيضًا: (٢/ ٣٠٤).
(٢) انظر: (٤/ ١٥٦ - ١٥٩، ١٦٢ - ١٦٣).
(٣) انظر: (٤/ ١٦٤ - ١٦٨).
(٤) انظر: (٤/ ١٧٦).
(٥) انظر: "مقاصد الشريعة" لابن عاشور (١١٦).
(٦) أشاد العلماء بكلام المصنف على الحيل، وسيأتي لاحقًا شيء من ذلك، وانظر: "المدخل لدراسة الفقه الإسلامي" (١٣٥ - ١٤٢) لإبراهيم عبد الرحمن.
(٧) انظر: (٤/ ٢٠٥ - ٢٠٦).
(٨) انظر: (٤/ ٢٠٦ - ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>