للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعالى جدُّك، ولا إلهَ غيرُك، وعياذًا بوجهك الكريم، من هذا الخذلان العظيم، ويا سبحان اللَّه! لقد كان لكم في نصرة هذا القول غنًى عن هذه الشبهة الملعونة في ضروب الأقيسة، وأنواع المعاني والإلزامات فسحة ومتسع، واللَّه شرف نفوس الأئمة الذين رفع اللَّه قدرهم، وشاد في العالمين ذكرهم، حيث يأنفون لنفوسهم ويرغبون بها عن أمثال هذه الهذيانات التي تسودُّ بها الوجوه قبل الأوراق، وتُحِلُّ بقمر الإيمان المحاقَ".

وعاد إلى تقرير صحة التعليق بالمشيئة، وقال عنه: "فهذا أمر معقول شرعًا، وفطرة، وقدرًا" (١) وقال عنه: "وهذا في غاية الظهور لمن أنصف" (٢).

وسرد الأحاديث والآثار، وتكلّم على صحتها، وضعّف بعضًا مما يؤيد اختياره، قال في (٤/ ٤٨٢): "ولو كنا ممن يفرح بالباطل -ككثير من المصنفين، الذين يفرح أحدهم بما وجده مؤيّدًا لقوله- لفرحنا بهذه الآثار، ولكن ليس فيها غنية، فإنها كلها آثار باطلة موضوعة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" وأخذ في بيان عللها، ومناقشة المانعين، وأطال النفس جدًا في ذلك، وراح في تفصيل الكلام على نية الاستثناء، ومتى تعتمد؟ وهل يشترط فيه النطق به؟ وقال في (٤/ ٤٩٦): "وهذا بعض ما يتعلق بمخرج الاستثناء، ولعلك لا تظفر به في غير هذا الكتاب".

وكذلك فعل في (المخرج الخامس) وهو في (فعل المحلوف عليه مع الذهول)، ففرق بيت (الذهول) و (النسيان)، و (الجاهل) بالمحلوف عليه و (المخطئ)، واستطرد في ذكر (التأويل) و (درجاته الثلاث)، وأقوال من أفتى بعدم الحنث، وذكر حكم فعل المحلوف عليه مكرهًا وخص فصلًا في (حكم المتأول، والجاهل، والمقلد) وأورد وقائع وأدلة تجفي هذه الأحكام، ثم عقد فصلًا في (تعذر فعل المحلوف عليه، وعجز الحالف عنه).

وفصل جدًا في (المخرج الثاني عشر) وهو في (بحث أن يمين الطلاق من الأيمان المكفَّرة)، وذكر رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، ومحنته بسبب هذه المسألة (٣)، وأنه رحمه اللَّه حكاه عن جماعة من العلماء الذين سمت هممُهم وشرفت


(١) انظر: (٤/ ٤٧٧).
(٢) انظر: (٤/ ٤٧٨).
(٣) أشار ابن كثير في "البداية والنهاية" (١٤/ ٢٩٣) إلى هذه المحنة، فقال: "وقد كان -أي ابن القيم- متصدّيًا للإفتاء بمسألة الطلاق التي اختارها الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وجرت بسببها فصول يطول بسطُها مع قاضي القضاة تقي الدين السبكي وغيره" وانظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>