للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان وحده (١)، ثم قال في آخر المثال: "وكان الإمام أحمد هو الجماعة، ولما لم تحمل هذا عقول الناس، قالوا للخليفة: يا أمير المؤمنين! أتكون أنت وقضاتك وولاتك والفقهاء والمفتون كلهم على الباطل وأحمد وحده هو على الحق؟ فلم يتسع علمه لذلك؛ فأخذه بالسياط والعقوبة بعد الحبس الطويل؛ فلا إله إلا اللَّه، وما أشبه الليلة بالبارحة، وهي السبيل المَهْيَع لأهل السنة والجماعة حتى يلقوا ربهم، مضى عليها سلفهم، وينتظرها خلفهم: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (٢٣)} [الأحزاب: ٢٣] ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم" (٢).

واستطرد في (المثالى الثالث بعد المئة) وهو في (حيلة يتخلّص بها من غريم يريد الإنقاص أو التأجيل) وختمها بـ (الفرق بين المضطهد والمكره)، وقال عنها في (٤/ ٤٣٤): "وهذه المسألة من نفائس هذا الكتاب، والجاهل الظالم لا يرى الإحسان إلا إساءة ولا الهدى إلا الضلالة".

واستطرد جدًا في (المثالى السابع عشر بعد المئة) وهو في (المخارج من الوقوع في التحليل في الطلاق)، وفرع في (المخرج الرابع) وهو يشتمل على (حكم الاستثناء في الطلاق) وذكر الخلاف فيه، وأقوال الأئمة، ثم ذكر (تعليق الطلاق على فعل يقصد به الحض والمنع)، وحقق هذه الفروع، وفصل في أنواع (التعليق)، وزيّف كلام بعض الفقهاء، فقال في (٤/ ٤٧٧) ما نصه:

"من أقبح القبائح، وأبْيَن الفضائح، التي تشمئز منها قلوب المؤمنين، وتنكرها فطر العالمين، ما تمسَّك به بعضكم، وهذا لفظه بل حُرُوفه، قال: لنا أنَّه علَّق الطلاق بما لا سبيل لنا إليه فوجب أن يقع؛ لأن أصله الصفات المستحيلة، مثل قوله: "أنت طالق إنْ شاء الحَجَرُ" أو "إنْ شاء الميتُ"، أو "إن شاء هذا المجنون المطبق الآن"، فيا لك من قياس ما أفسده، وعن طريق الصواب ما أبعده! وهل يستوي في عقل أو رأي أو نظر أو قياس مشيئة الرب -جلَّ جلاله-، ومشيئة الحجر والميت والمجنون عند أحد من عقلاء الناس؟ وأقبحُ من هذا -واللَّه المستعان، وعليه التكلان، وعياذًا به من الخذلان، ونزغات الشيطان- تمسّك بعضهم بقوله: "علَّق الطلاق بمشيئة مَنْ لا تُعْلم مشيئته فلم يصح التعليق كما لو قال: "أنت طالق إن شاء إبليس"، فسبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك،


(١) انظر: (٤/ ٣٨٨ - ٣٩٠).
(٢) انظر: (٤/ ٣٨٩ - ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>