للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنقل؛ فلم أجد له غير طريقين: أحدهما: طريق شعبة، والأخرى: عن محمد بن جابر، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن رجل من ثقيف، عن معاذ، وكلاهما لا يصح".
ثم أفاد الحافظ ابن حجر أن الخطيب البغدادي أخرجه في كتاب "الفقيه والمتفقه" من رواية عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل، فلو كان الإسناد إلى عبد الرحمن ثابتًا؛ لكان كافيًا في صحة الحديث. انتهى.
ولا بد هنا من ضرورة التأكيد على صحة ما قدمناه عن جماعة من جهابذة الجرح والتعديل: أن الحارث بن عمرو قد تفرد بالحديث عن أصحاب معاذ، ومجرد وجود طرق أخرى من غير طريق أصحاب معاذ، لا يعني أن الحارث لم يتفرد به.
وهنا طريقان غير طريق الحارث:
الأولى: التي ذكرها ابن طاهر: محمد بن جابر عن أشعث بن أبي الشعثاء عن رجل من ثقيف عن معاذ، وهي غير صحيحة؛ كما قال ابن طاهر، للإبهام الذي فيها، ولضعف رواتها.
والثانية: طريق عبد الرحمن بن غنم عن معاذ، وتفرد بها عبادة بن نُسَي -بضم النون، وفتح السين، بعدها ياء مشددة-، وهو من الرواة الأردنيين، يكنى أبا عمر، ثقة فاضل مات سنة ثمان عشرة ومئة؛ كما في "التهذيب" (٥/ ١١٣).
وروى هذا الحديث عن عبادة بن نُسَيّ محمد بن سعيد بن حسان، وقد أبهم في رواية الإمام سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في كتاب "المغازي" له؛ كما في "النكت الظراف" (٨/ ٤٢٢) لابن حجر، و"تحفة الطالب" (ص ١٥٣) لابن كثير؛ فوقع إسناد الحديث عنده هكذا: قال الإمام سعيد بن يحيى: حدثني أبي حدثني رجل عن عبادة بن نُسَيّ به.
ولكن وقع التصريح به في "سنن ابن ماجه" (١/ ١٢/ رقم ٥٥)، ومن طريقه الجورقاني في "الأباطيل" (١/ ١٠٨ - ١٠٩/ رقم ١٠٢)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٦/ ٣١٠/ أ)؛ فرواه من طريق الحسن بن حماد سجادة -صدوق-، ثنا يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن سعيد بن حسان عن عبادة به.
قال الجورقاني عقبه: "هذا حديث غريب حسن"، وذكره المؤلف -رحمه اللَّه- في "تهذيب السنن" (٥/ ٢١٣)، وقال: "هذا أجود إسنادًا من الأول (أي: حديث معاذ المتكلم عليه)، ولا ذكر للرأي فيه" انتهى.
قلت: ولفظ هذا الحديث: "لا تقضين ولا تفصلن إلا بما تعلم، فإنْ أشكل عليك أمر؛ فقف حتى تبينه أو تكتب إلَيّ فيه".
وذكره الجورقاني وحسنه مع غرابته؛ كما تقدم ليبيِّن بطلان لفظ حديث معاذ هذا، إذ أورده تحت عنوان "في خلف ذلك".
وما أصاب الجورقاني، ولا ابن القيم في قولهم: إن إسناد هذا الحديث أجود من الحديث الذي فيه للرأي ذكر؛ إذ فيه: "محمد بن سعيد بن حسان": وهو المصلوب، المتهم الكذاب.
قال ابن كثير في "تحفة الطالب" (ص ١٥٥) بعد أن ذكر طريق الأموي في "مغازيه" =

<<  <  ج: ص:  >  >>